كتاب الراية

فيض الخاطر.. السلام في عالم مُضطرب

يظل السلام حلمًا لكل الناس، وضوءًا واعدًا بالأمل في نفق الأوضاع المتردية بعالم اليوم، كما يظل السلام مطلبًا عادلًا للدول المُحبة للسلام، التي تعمل حثيثًا على ترسيخ قيم السلام في العالم، وتدفع أنظمتها وقوانينها للسعي وراء تحقيق السلام/ الهدف، والغاية، والوسيلة، والأداة، لعالم آمن ومستقر وعادل، وهذا هو هدف جميع الأنظمة والقوانين والقرارات الدولية، ومع ذلك لا تزال هذه الدول عاجزة عن تحقيق هذه الغايات النبيلة، والقيم السامية على أرض الواقع، حين تصبح كل تلك الجهود الجادة مجرد حبر على ورق! لأن الأيدي الخفية تعمل في الاتجاه المعاكس وفق خطط جهنمية مرسومة من قوى الشر في هذا العالم، دون أن يملك أحد القدرة على الصمود في وجهها القبيح، رغم تلطّخ أيديها بداء الأبرياء، وعبثها بمقدرات الشعوب، والإصرار على التدخل في الإرادة الإلهية فيما يتعلق بالنمو البشري.

لقد مر اليوم الحادي والعشرون من سبتمبر الجاري، وفيه احتفلت دول العالم باليوم العالمي للسلام.. في عالم مضطرب بالحروب والنزاعات بين الدول والكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات إلى جانب انهيار اقتصادي تعاني منه دول كثيرة، اضطر مواطنوها للهجرة، بحثًا عن لقمة العيش، وكأن الدول التي أقرت إعلان الجمعية العمومية للأمم المتحدة ليكون هذا اليوم رمزًا لتعزيز قيم السلام بين الدول بعيدًا عن العنف.. قد تناست هذا الإعلان، وانغمست فيما يؤدي إلى تشويه ملامح السلام المنشود، لدوافع ظاهرة وأخرى خفية، لكنها في النهاية تتفق على تقويض أسس السلام، وتشويه مظاهر التنمية.

موضوع هذا العام هو (العمل من أجل السلام: طموحنا لتحقيق الأهداف العالمية) فماذا قدمت الدول الكبرى في سبيل وضع أسس السلام العالمي المنشود موضعَ التنفيذ؟ مع أن الدعوة للسلام هي إقرار بالمسؤولية الدولية عن تعزيز هذا السلام لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في كل الدول، وصولًا إلى إشاعة ثقافة السلام بين الجميع كقاعدة أساسية لهذه التنمية المستدامة، كما أكد ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في قوله بهذه المناسبة: (نحن بحاجة إلى السلام اليوم أكثر من أي وقت مضى، حتى لا تطلق الحروب والصراعات العنان للدمار والفقر والجوع وتشرد الملايين من الناس عن ديارهم في فوضى المُناخ في كل مكان تحت تأثير الحروب الأهلية والدولية، والتغيرات المناخية).

هذا التحذير الذي أطلقه الأمين العام للأم المتحدة إنما يعبر عن شعور عام وعلى مستوى العالم عما وصلت إليه هذه الدول من مرحلة مُنذرة بأخطار داهمه تهدد ليس السلام فقط، بل الوجود الإنساني على سطح هذا الكوكب، فهل يصر زعماء العالم على إقرار السلام في عالم اليوم؟ أم أن أخطار المستقبل ستستمر، في غياب الجهود الجادة لإنقاذ العالم من هذه الفوضى العارمة التي لا يعلم نتائجها إلا الله.

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X