حديث الاقتصاد.. كلية الزراعة بجامعة قطر.. أما آن الأوان؟

للوهلة الأولى قد يبدو العنوان غريبًا أو حتى مستنكرًا طرحُه في دولة قطر، المعروفة بمناخها الصحراوي، وتربتها الجيرية غير المؤاتية، وشُح مياهها، وضآلة عمالتها الزراعية الماهرة، ومحدودية أراضيها الزراعية والصالحة للزراعة أو القابلة للاستصلاح الزراعي حاليًا، ومن ثم ضعف مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي.
ولكن، دولة قطر استجدت فيها عواملُ إيجابية محفزة تبشر بالخير، وتدفعنا جميعًا إلى التفاؤل وتغيير نمط التفكير التقليدي لدينا عن الزراعة، والشروع في التساؤل وإمعان النظر -بكل ثقة واقتدار- في الآفاق الجديدة المتوفرة لدينا لتمكين تطوير الاقتصاد الزراعي في قطر على أسس علمية متقدمة وعقليات ابتكارية حديثة، وبسواعد متخصصة ذات كفاءة عالية، تقوم بالاستفادة من نواتج الثورة الخضراء في التشجير والتخضير لمناطق عديدة بالدولة. وقد حدث ذلك نتيجة لما شهدته البلاد خلال العقدين الماضيين فقط من نقلة نوعية في مسارات التنمية، خاصة مساري التعليم والاستثمار.
من الطبيعي أن البستنة ستُسهم بلا شك إلى حد كبير في تخفيف حدة الطقس (من حرارة ورطوبة وأتربة). لقد تحدثنا تفصيلًا الأربعاء الماضي عن فوائد الزراعة العمودية كأحد أنواع الزراعة الحديثة التي تبين مدى التأثير الإيجابي للتقدم التكنولوجي والمحميات في مواجهة تحديات الظروف الطبيعية الخارجية للزراعة، خاصة بحقول الخضراوات أو الأوراق الخضراء والفواكه والبقوليات والورود والرياحين وثمار البيئات الأجنبية وغيرها. على صعيد آخر ضرورة التوجه إلى الاقتصاد الأخضر لزيادة توافر المنتجات العضوية Organic products (الخالية من الكيماويات والمبيدات الحشرية) والبدء في استخدام بدائل الطاقة المتجددة على نطاق واسع، لتوفير البيئة المُستدامة المساعدة على تحقيق التنمية المستدامة الأشمل، والتي هي ديْدَن الدول وجُل اهتماماتها المعاصرة. بعد كل ما ذُكر آنفًا وما لم يُذكر عن أهمية الزراعة الرأسية والأفقية، الطبيعية والمحمية ومردوداتها الاقتصادية والبيئية، ألا يحق لنا أن نتساءل: أما آن الأوان بعدُ لإنشاء كلية زراعة أو معهد تخصصي أكاديمي بحثي بجامعة قطر لأجل إعداد كوادر وطنية متخصصة تسعى على المديين المتوسط والطويل لتأمين مشاريع الأمن الغذائي وتطوير الاقتصاد الزراعي عامة ليسهم في تنويع وزيادة الناتج المحلي الإجمالي؟.
خبير اقتصادي