همسات قانونية.. صور خاصة لجريمة التزوير

إلى جانب جريمة التزوير في صورتها العادية تناولَ المُشرّع صورًا خاصة لتلكَ الجريمة، والتي يجمعها قاسم مشترك ألا وهو أنها أقل خطورة وذات عقوبة أخف عن العقوبة المُقررة لجريمة التزوير العادية، وأولى هذه الصور ما نصت عليه المادة (207) من قانون العقوبات رقم (11) لسنة 2004 التي قضت بقيام جريمة التزوير حال إصدار طبيب أو قابلة شهادة أو بيانًا مزورًا يتعلق بممارسة مهنته ويتصل بها. ويُشترط لاكتمال البنيان القانوني لهذه الجريمة أنْ يكون الجاني طبيبًا أو قابلة، كما يُشترط أنْ تكون الشهادة أو البيان المزور يتعلق بممارسة مهنته، ومنْ ثمَّ فإنَّ تزوير غير الطبيب لشهادةٍ تتعلق بمرضٍ أو وفاة تنطبق عليه الأحكام العامة لجريمة التزوير، وبذلكَ يُعتبر تزوير الشهادات المرضية التي تتعلق بالحمل، أو الولادة، أو المرض، أو الوفاة من قبيل جرائم التزوير المنصوص عليها في المادة السابقة، وقد قضت المادة ذاتها بأنْ يُعاقب الطبيب أو القابلة مُرتكب تلكَ الجريمة بالحبسِ الذي لا يُجاوز الخمس سنوات، وهي عقوبة أقل من العقوبة المقررة للجريمة في صورتها العادية.
ومن الصورِ الخاصة لجريمة التزوير ما نصت عليه المادة (208) من قانون العقوبات، والمتمثلة في الإدلاء أمام الجهات المختصة بأقوالٍ مغلوطة عن عمدٍ أو عن جهل، وكانتْ هذه الأقوال تتعلق بتحقيق وفاة أو وراثة، شريطة أنْ تصدر شهادة مُخالِفة للحقيقةِ بناءً على هذه الأقوال المغلوطة، وتتميز هذه الحالة بأنها تقوم بمجرد إدلاء الجاني بأقوالٍ أدَّتْ إلى إصدارِ شهادة رسمية تتعلق بوفاة أو وراثة على خلافِ الحقيقة، إذْ إنَّ المتهم في هذه الجريمة لمْ يرتكب فعل التزوير بصورةٍ مباشرة وإنما صدرت الشهادة المزورة بناءً على أقوالهِ غير الحقيقية. وتقوم هذه الجريمة بالصورة العمدية التي تتمثل في علمِ الجاني بعدم صدق أقواله ورغم ذلكَ أدلى بها مما نتجَ عنهُ إصدار شهادة رسمية تتعلق بوفاة شخص أو وراثة، كما تقوم هذه الجريمة أيضًا بصورة غير عمدية إذْ إنهُ ليسَ للجاني أنْ يتعللَ بجهلهِ بما أدلى بهِ من معلوماتٍ أو أنهُ أدلى بمعلوماتٍ كانَ يظن أنها صحيحة، وذلكَ نظرًا لخطورة ما قد يترتب على ارتكاب مثل هذه الجريمة، ووفقًا للمادة السابقة فإنَّ من يُدلي بأقوالٍ أمام السلطات المختصة تتعلق بوفاة أو وراثة ويترتب عليها إصدار شهادة غير موافقة للحقيقة يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وختامًا نقول إنَّ المشرّعَ قدْ أحسنَ صُنعًا بتجريمهِ بعض الصور الخاصة لجريمة التزوير، وتقرير عقوبات رادعة تتناسب مع جسامة وخطورة كل جريمة، وذلكَ لأنَّ صفة الجاني في هذه الأفعال يَسَّرَتْ عليه جُزءًا ليسَ بالقليل في سبيل ارتكاب جريمته، وهو ما يَنُم عن خطورةٍ إجرامية أقل.