استراتيجية الأمن الغذائي الجديدة تعزز الاكتفاء الذاتي
تقنيات زراعية حديثة وتقليل استخدام المياه الجوفية في الزراعة
برنامج لإدارة هدر الطعام وتعزيز الاقتصاد الدائري

الدوحة – قنا :
أكَّدَ الدكتورُ مسعود جارالله المري، مُدير إدارة الأمن الغذائيّ بوزارة البلدية أنَّ الاستراتيجية الوطنية الجديدة للأمن الغذائي 2024 – 2030 والتي سيتم تطبيقها بدءًا من نهاية شهر أبريل القادم ترتكز على مجموعة من العناصر لتحقيق الاستدامة، والاعتماد على التقنيات الحديثة والابتكار في القطاع الزراعي وزيادة الإنتاج الزراعي خلال فصل الصيف، من خلال تبنّي تقنيات زراعية حديثة وتعزيز الاقتصاد الدائري والمخزون الاستراتيجي، ونظم الإنذار والتجارة الدوليَّة والاستثمار. وقالَ الدكتور مسعود جار الله المري في تصريحات لـ «قنا»: إنَّ الركيزةَ الأولى تتعلق بالإنتاج المحلي والسوق، حيث تتضمن بدورها عدةَ مبادرات تشمل تعزيز الإنتاج المحلي من عدة سلع غذائية رئيسية (الخَضراوات، اللحوم، الحمراء، الأسماك، الألبان، الدواجن)، بما يعزز الاكتفاء الذاتي من هذه السلع وتأكيد الزراعة المُستدامة، وكذا تقليل استخدام المياه الجوفيَّة في الزراعة وتشجيع الاستدامة والتكيف مع تغيُّر المناخ، من خلال التحول إلى نُظم الري الحديثة. كما تتضمن تطوير برنامج لإدارة هدر الطعام وتعزيز الاقتصاد الدائري، بما يعزز النُظم الغذائية المستدامة وتأكيد سلامة وجودة الغذاء والأمن البيولوجي لكافة السلع الغذائية المنتجة محليًا والمستوردة عبر كامل سلسلة الإمداد الغذائية وتعزيز التغذية الصحية ومراجعة برنامج دعم المستهلك (تموين) بالسلع الغذائية الأساسية بما يعزز التغذية الصحية.
أمَّا الركيزة الثانية حول «المخزون الاستراتيجي ونظم الإنذار»، فيقول الدكتور المري: إنَّها تتضمن أيضًا محاور ومبادرات بشأن توسيع وتحسين المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية الأساسية والسلع الهامة في أوقات الكوارث والطوارئ لمواجهة أسوأ سيناريو بما يعزز الأمن الغذائي، وبناء مخزون احتياطي من المدخلات الزراعية والحيوانية والسمكية، وتحليل النماذج التشغيلية والآثار المحتملة لتكاليف المخزون الاستراتيجي، وتطوير أنظمة إنذار لمراقبة المخزون الاستراتيجي.
وفيما يتعلق بالركيزة الثالثة «التجارة الدولية والاستثمار»، أوضح مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية أنها تتضمن عدة محاور تشمل تعزيز حماية المنتجين المحليين للسلع الغذائية من خلال تطبيق بعض التدابير التجارية وتأسيس آلية لتحقيق التنويع التجاري وتنويع مصادر الواردات وتأسيس مركز تجاري إقليمي والاستفادة من مرافق ميناء حمد الدولي، بما يعزز دولة قطر كمركز إقليمي تجاري لأهم السلع الغذائية التي تعزز الأمن الغذائي وربط استراتيجية الاستثمار خارج الدولة بما يعزز الأمن الغذائي مثل الاستثمارات في الأعلاف الخضراء واللحوم الحمراء وسلاسل التوريد المبردة.
وعمَّا إذا كانت هناك مشاريع زراعية جديدة لدعم الأمن الغذائي بالدولة على صعيد القطاع العام أو الخاص، قال مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية: إنَّها تشمل تحسين الكفاءة والاحترافية في المشاريع الزراعية الموجودة حاليًا، بما يعزز الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الضرورية، إلى جانب دعم إنشاء مشاريع جديدة من مشاريع الاستزراع السمكي لتطوير وتحسين الإنتاج المحلي من الأسماك الطازجة، فضلًا عن مشاريع تحسين كفاءة استخدام مياه الري في الزراعة من خلال استخدام نُظم الري الحديثة، وأيضًا توسيع المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية (السلة الصفراء)، والسلع الضرورية في وقت الأزمات والكوارث (السلة الحمراء).
كما تشمل تأسيس مركز تجاري إقليمي لأهم السلع الغذائية والاستفادة من مرافق ميناء حمد وتحسين سلاسل الإمداد، وتطوير الاستثمار الخارجي في مشاريع اللحوم الحمراء والأعلاف الخضراء بما يخدم ويعزز حالة الأمن الغذائي في دولة قطر.
أولويات القطاع الزراعي
وردًّا على سؤالٍ حولَ أولويات القطاع الزراعيّ فيما يخصُّ الأمنَ الغذائيَّ، أكَّد أنَّ التّوجهات تقومُ على أن يشمل تعزيزَ الإنتاج المحليّ من السلع الغذائية الاستراتيجية وحماية المنتجين المحليين من الواردات، وتنويع الواردات، وتعزيز الاحترافيَّة والكفاءة في الإنتاج الزراعيّ، وحماية الموارد الطبيعية مثل المياه والتربة والأسماك والتنوّع الحيوي.
كما تتضمن الأولويات تحسين كفاءة استخدام الموارد المائيَّة وتقليل استخدام المياه الجوفيَّة من خلال التخلّي عن زراعة المحاصيل المُستهلِكة للمياه بكَميّات كبيرة مثل: (محاصيل الأعلاف)، وتعزيز النظم الغذائية المستدامة من خلال تعزيز تطبيق الممارسات الزراعية المستدامة، فضلًا عن تطوير برنامج للحدّ من هدر الغذاء وتعزيز الاقتصاد الدائريّ ما سيُسهم في تعزيز الأمن الغذائيّ.
إنجازات الخطة 2018 2023
وبشأنِ أبرز ما تحقَّق على صعيد الاكتفاء الذاتيّ من منتجات اللحوم، والخَضراوات، والأسماك، وبيض المائدة، والأعلاف، على مشارف نهاية العمل بالاستراتيجيَّة الوطنيَّة للأمن الغذائي 2018 – 2023. قالَ الدكتور المري: إنَّ نسبَ الاكتفاءِ الذاتيّ من السّلع الغذائيّة الأساسيّة قد شهدتْ تحسُّنًا ملحوظًا، يُعزَى ذلك بصورةٍ كبيرةٍ إلى تعزيزِ الإنتاجِ المحليّ كواحدٍ من المستهدفات الاستراتيجيَّة، ولكونه يعدُ واحدًا من المحاور الأساسيَّة التي تعملُ عليها الاستراتيجيَّة الوطنيةَّ للأمن الغذائيّ 2018 – 2023، التي استهدفت زيادة الإنتاج المحلي من السلع الغذائية الزراعية سريعة التلف لتجنب الاضطراب في سلاسل الإمداد، وتحقيق الأمن الغذائي للدولة. ولفتَ إلى أنَّ هذه الاستراتيجية ركَّزت على سلع محددة تشمل خَضراواتِ البيوت المحمية، والألبان ومشتقاتها، والدواجن الطازجة، واللحوم الحمراء، وبيض المائدة، والأسماك الطازجة، وإنتاج الأعلاف الخضراء باستخدام المياه المعالجة. وأكَّد أن أبرز إنجاز هو تحقيق الاكتفاء الذاتي من سلعتَين أساسيتَين، حيث اكتفت الدولة من الألبان ومشتقاتها، مقارنة بنسبة 87 بالمئة في العام الأول من عمر الاستراتيجية، كما حققت الاكتفاء الذاتي من الدواجن الطازجة مقارنة بحوالي 82 بالمئة في العام 2018، منوهًا في سياق ذي صلة إلى أن الدولة حافظت على مستويات ونسب الاكتفاء الذاتي من الألبان بمشتقاتها والدواجن الطازجة لما يزيد على العامين. وبيّن أن نسبة الاكتفاء الذاتي من الأسماك الطازجة ارتفعت أيضًا بنسبة تصل إلى 25 بالمئة، حيث وصلت إلى 84 بالمئة، مقارنة بحوالي 67 بالمئة في العام 2018. كما زاد الاكتفاء الذاتي من بقية السلع المستهدفة بنسب متفاوتة، حيث حققت الدولة نسبة اكتفاء تصل إلى 42 بالمئة من خَضراوات البيوت المحمية، مقارنةً بحوالي 32 بالمئة في العام 2018، بينما وصلت نسبة الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة إلى 37 بالمئة، مقارنة بحوالي 24 بالمئة في العام 2018.
م. عبدالعزيز الزيارة مدير الثروة الحيوانية بالبلدية:
مليون و320 ألف رأس حجم الثروة الحيوانية
قالَ المهندسُ عبدالعزيز محمود الزيارة مُدير إدارة الثروة الحيوانيَّة بوزارة البلدية في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية «قنا»: إنَّ الثروةَ الحيوانيَّة، هي موارد طبيعيَّة متجدّدة تعملُ الإدارة على تنميتها وتطوير نشاط تربيتها. وأضافَ: إن الدولة اهتمَّت في مختلف قطاعاتها بضمان استمرارية هذا النشاط وتحويله من نشاط اجتماعي مُستهلك إلى نشاط اقتصاديّ مجزٍ له مُساهمة في أمنها الغذائي، مشيرًا إلى أنَّه بتعاون الجانب الحكوميّ والقطاع الخاص، مُمثلًا في المربين والمُنتجين كان لقطاع تربية الثروة الحيوانيَّة مساهمةٌ متميّزةٌ في تطوير نسب الاكتفاء الذاتي من المنتجات الحيوانيّة إلى معدّلات وضعت دولة قطر في المرتبة الأولى عربيًا وال24 عالميًا في مؤشّر الأمن الغذائي العالمي.
وكشفَ الزيارة عن أن إجمالي الثروة الحيوانية في قطر بلغ مليونًا و320 ألفًا و625 رأسًا، حيث يبلغ عدد الإبل 106,972 رأسًا، بما يشكل 8% من الثروة الحيوانيَّة في الدولة، و41,575 هو عدد الأبقار بنسبة 3% من إجمالي الثروة الحيوانيَّة والماعز 358,137 بنسبة 27%، فيما بلغَ عدد الأغنام 813,941 بنسبة 62% من إجمالي الثّروة الحيوانيَّة في الدولة، بينما بلغَ عدد المُربين المُوثّقين في سجلات المربين في الوزارة 8.151 مربيًا.
77 % نسبة الاكتفاء من بيض المائدة
توقَّع مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية في تصريحاته ل «قنا» دخول عددٍ من مشاريع إنتاج البيض الجديدة وبداية الإنتاج بنهاية شهر ديسمبر من هذا العام، والتي سيغطي إنتاجُها حوالي 40 بالمئة من الاستهلاك المحلي، الأمر الذي سيرفع نسبةَ الاكتفاء الذاتي من بيض المائدة إلى حوالي 77 بالمئة.
19 % الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء
كشفَ الدكتورُ مسعود جارالله المري مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية في تصريحاته لوكالة الأنباء القطرية «قنا» كذلك عن أنَّ نسبة الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء بالدولة وصلت إلى 19 بالمئة، وقال: «إنَّه يجري العمل حاليًا في عددٍ من مشاريع التسمين والتي من المتوقع أن تزيد نسب الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء».
وفيما يتعلق بإنتاج الأعلاف الخضراء، نوَّه الدكتور المري إلى أن التوجه الاستراتيجي هو إيقاف إنتاج الأعلاف الخضراء باستخدام المياه الجوفية، والتحول بصورة كاملة إلى استخدام المياه المعالجة، موضحًا أنَّ نسبة الأعلاف الخضراء المنتجة حاليًا باستخدام المياه المعالجة بلغت حوالي 39 بالمئة.