اخر الاخبار

اليوم الدولي للمسنين… الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بالمسنين عبر الأجيال

الدوحة – قنا:

تحظى قضية التكيف الرسمي والشعبي مع العدد المتزايد من الأفراد المسنين في المجتمعات باهتمام كبير، خصوصا مع الذين يمتلكون قدرات وظيفية في الدول التي تعاني من شيخوخة السكان، فالقدرة على القيام بالوظائف الأساسية والمشاركة في الأنشطة اليومية، لا تتأثر فقط بقدرة الأفراد، ولكن أيضا بالبيئات الاجتماعية والمادية التي يعيشون وسطها، حيث تلعب البيئات الداعمة دورا محوريا في مساعدتهم على الحفاظ على مستويات نشاطهم واستقلاليتهم مع تقدمهم في العمر.
ويأتي اليوم الدولي للمسنين في العام 2023، ليلقي الضوء على أهمية “الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بالمسنين عبر الأجيال”، الذي تم إقراره قبل 75 عاما، حيث ساهم ممثلون من جميع أنحاء العالم من خلفيات قانونية وثقافية ولغوية مختلفة، في كتابة هذا الإعلان الذي يعتبر أول وثيقة توضح حقوق الإنسان الأساسية التي تعترف بهذا الحدث المهم، مع التطلع إلى مستقبل يفي بحقوق هذه الفئة.
عالميا، تضاعف عدد المسنين ممن يبلغون 65 عاما أو أكثر، ثلاث مرات من حوالي 260 مليونا في عام 1980 إلى 761 مليونا في عام 2021، أما إذا حسبنا الفئة من العمر 60 عاما، فيتوقع أن يزيد العدد إلى 1.4 مليار بحلول عام 2030، و2.1 مليار بحلول عام 2050، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
ومنذ العام 1990، تحتفل الأوساط الدولية باليوم الدولي للمسنين، بغية لفت الأنظار إلى أهمية هذه الفئة بالمجتمعات، ومراعاة مشاعرها وهي في خريف العمر، ثم بدأ الاهتمام يتصاعد منذ عام 2003، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة عمل دولية للشيخوخة، للاستجابة للفرص والتحديات التي يمكن أن تواجهها، ونشر ثقافة التشيخ الصحي بين أفراد المجتمع وكبار السن أنفسهم، مع استحضار حقيقة أن الصحة الجيدة في الكبر نتيجة طبيعية لاتباع نظام حياة صحي منذ الصغر، ويدخل ضمنها توسيع الاندماج الرقمي لكبار السن، مع مراعاة المعايير الاجتماعية والثقافية والحق في الاستقلال الذاتي.
ومن المتوقع أن يعيش الأطفال الذين ولدوا في عام 2022 إلى سن 71.7 عام في المتوسط على الصعيد العالمي، أي 25 عاما أطول من أولئك الذين ولدوا في عام 1950، بفضل جهود الرعاية الصحية والتنمية المستدامة، دون إغفال أن شيخوخة السكان تسير للأمام ولا رجعة فيها، ففي عام 2021، كان عمر شخص واحد من كل عشرة أشخاص في جميع أنحاء العالم، يبلغ من العمر 65 عاما أو أكثر، بينما ستشمل هذه الفئة شخصا واحدا من كل ستة أشخاص في عام 2050.
وتشير الإحصاءات الدولية إلى أن النساء تميل إلى العيش لفترة أطول من الرجال، وبالتالي يشكلن غالبية المسنين، ففي عام 1950، كان من المتوقع أن تعيش النساء إلى ما يقرب من أربع سنوات أكثر من الرجال على مستوى العالم، في حين ارتفع الفارق بين الاثنين إلى أكثر من خمس سنوات في عام 2021.
وقد اعتمدت الأمم المتحدة العقد الحالي (2020 – 2030) للتركيز على التمتع بالصحة في مرحلة الشيخوخة، فهو فرصة لجمع الحكومات والمجتمع المدني والوكالات الدولية والدوائر الأكاديمية ووسائل الإعلام والقطاع الخاص، من أجل تحسين حياة المسنين وأسرهم والمجتمعات المحلية التي يعيشون فيها، إذ إن شيخوخة السكان تستعد لتصبح واحدة من أهم التحولات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين، بما لها من آثار على أسواق العمل والأسواق المالية والطلب على السلع والخدمات، مثل الإسكان والنقل والحماية الاجتماعية، فضلا عن الهياكل الأسرية والروابط بين الأجيال.
ولذا نشرت منظمة الصحة العالمية وثيقة عنوانها: التصدي لإساءة معاملة المسنين بالشراكة مع إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة بدعم من الشبكة الدولية لمنع إساءة معاملة المسنين، وتنص الوثيقة على خمس أولويات لعقد الأمم المتحدة للشيخوخة الصحية 2021 – 2030، أبرزها التصدي لأي إساءة لهم بما يسهم في تحسين تنعمهم بالصحة والرفاه وصون كرامتهم.

في دولة قطر، حظيت هذه الفئة باهتمام مبكر، فتم إصدار قانون الإسكان رقم (23) لسنة 1972 الخاص بتوفير المسكن على نفقة الدولة للعجزة وكبار السن، ممن يتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها من القانون، وفي العام 2007 مع إعادة تنظيم قوانين الإسكان، أصدر المشرع القطري القانون رقم (2) لسنة 2007 الذي يتعلق بنظام الإسكان، بما يضمن حق المواطن القطري في السكن سواء كان من المسنين أو من غيرهم.
وقد أفردت رؤية قطر الوطنية 2030، بنودا خاصة لفئة كبار السن بما يستحقونه من تقدير، مقدمة لهم الكثير من الخدمات الصحية والاجتماعية والدعم المتكامل عبر عدة وزارات وجهات مختلفة، وكان مجلس الوزراء في دولة قطر قد أصدر قرارا رقم (26) لسنة 2019، وصادق عليه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، تم بموجبه إنشاء “اللجنة الوطنية المعنية بشؤون المرأة والطفل وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة”، برئاسة وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة.
من جانبها، أكدت وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة أن دولة قطر تولي أهمية كبيرة لحماية وتعزيز حقوق كبار السن، باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من نسيج الأسرة والمجتمع القطري، حيث تبلغ نسبة المواطنين فوق سن الـ65 عاما 2 بالمئة من السكان، مشيرة إلى أن الدولة اتخذت العديد من التدابير على المستوى التشريعي والتنفيذي لإعمال حقوقهم في إطار سياسات التنمية الاجتماعية المتكاملة، والتي تستند إلى مرجعيات وطنية، على رأسها الدستور الدائم لدولة قطر ورؤية قطر الوطنية 2030 والخطط والاستراتيجيات التنموية.
وفي هذا السياق، أنجزت دولة قطر تشريعات بارزة في مجال أعمال حقوق كبار السن، وخاصة في مجالي “مساهمة كبار السن في التنمية المستدامة” و”الأمن الاقتصادي”، حيث يمنح قانون الضمان الاجتماعي للفئات المنصوص عليها، فرصة الحصول على معاش الضمان الاجتماعي للمسن الذي تجاوز الستين من عمره، وليس له عائل مقتدر أو مصدر دخل كاف للعيش، بالإضافة إلى مساعدة مالية وغيرها من البدلات والإعفاءات لكبار السن، ومنها السكن حسب القانون.
وتحاول وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة إدماجهم في العالم الرقمي، فاستحدثت 33 خدمة إلكترونية على موقع الوزارة لتسهيل الولوج إلى الخدمات، دون إلزامهم بالحضور شخصيا، مع استمرار الخدمات المقدمة من الوزارة للفئات المعنية، فضلا عن تدابير تشريعية وقانونية وإدارية لتوفير الوسائل الكفيلة بتأصيل الجهود المقدمة لكبار السن وتطويرها وتحديثها في إطار التنمية الاجتماعية المتكاملة.
على الصعيد ذاته تقدم وزارة الصحة رعاية خاصة لمن تجاوزوا سن الستين عاما، ناهيك عن جهود المجتمع المدني عبر فرق المتطوعين المتنوعة، في إطار متكامل يحافظ على إرث ممتد يحمل قيم الماضي لأجيال المستقبل، أما مراكز الخدمات الحكومية، فتمنح فئة كبار السن الأولوية في إنجاز خدماتهم، وتوفر لهم المساعدة اللازمة لإتمام المعاملات كافة، وإزالة كافة العوائق التي يمكن أن تحول دون عيشهم بكرامة ورفاهية في ظل أسرهم ومجتمعهم، وضمان إشراكهم في عملية البناء والتنمية على كافة الأصعدة.
كما يقدم مركز تمكين ورعاية كبار السن “إحسان” خدمات متكاملة تشمل توفير طواقم تمريضية ورعاية منزلية لكبار السن فيما يتعلق بشؤونهم الصحية، والتنسيق مع الأسرة بصورة دورية لكفالة رعايتهم نفسيا وصحيا، كما يتيح المركز مساكن إيواء للمسنين الذين لا توجد لديهم أسر ترعاهم لظروفهم الخاصة، بجانب خدمات متنوعة تشمل الترفيه والرعاية الاجتماعية، حيث يستند عمل مركز “إحسان” للقيم الدينية والاجتماعية التي تحث على احترام المسنين ورعايتهم التامة والحفاظ على كرامتهم، إضافة لتفعيل دورهم في الأسرة، علاوة على توفير الأجهزة التعويضية التي يمكنها القيام برعاية كبار السن ذوي الحاجة.
وتتجاوز دولة قطر جهودها في خدمة رعاية كبار السن من المستوى الوطني إلى الإقليمي والدولي، حيث تنشط جمعية الهلال الأحمر القطري بتقديم خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية والخدمات الإغاثية في أكثر من 14 بلدا حول العالم، بحسب ما تشير إليه وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة.
/قنا/

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X