طوفان الأقصى
بقلم/ بابكر عيسى أحمد:
للعطر افتضاحٌ… وللبسالة والجسارة عنوان … وقد أثبتت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أنها عصيَّة على الانكسار رغم البربرية الإسرائيلية تجاه المدنيين في غزة ورغم الدمار الواسع والكبير الذي سببته الحرب الإسرائيلية والدعم الأمريكي والغربي الواسع لحكومة الإرهابي بنيامين نتنياهو وحكومته العنصرية المتطرفة.
عنصر المُفاجأة أصاب «الجيش الذي لا يقهر» بالزلزال فبات مذهولًا وخائفًا ومرعوبًا، ويتناسى العنصريون الإسرائيليون أن الحق الذي الذي وراءه مُطالب حقٌ لن يضيع، ولن تنكسرَ إرادة كتائب القسام الجناح العسكري لحماس، وبقية الفصائل الفلسطينية المُقاومة.
الدرس كان مؤلمًا وقاسيًا على الاحتلال الإسرائيلي، أولئك الذين دنسوا ثرى فلسطين السليبة، وعبثوا بالمقدسات وخلقوا واقعًا بائسًا وكئيبًا، لمحاصرة الشعب المُقاوم بالمستوطنات والأسوار والأسلاك الشائكة في كل أرجاء أرض فلسطين.
هذا الذي حدث يوجّه صفعة قاسية للشعوب العربية والإسلامية التي تقف متفرجة على المأساة وترصُد المعاناة غير المسبوقة، بلا اهتمام وبلا مبالاة، ومؤسسات العمل العربي «الجامعة العربية» و«العمل الإسلامي» و«منظمة المؤتمر الإسلامي» باتت مجرد شهود زور يكتفون ببيانات الإدانة الباهتة التي لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبتْ به.
المُفرح أن الشعوب العربية والإسلامية تعتبر القضية الفلسطينية قضية الأمة المركزية، وأن الانتصار لفلسطين انتصار للكرامة والشهامة والشرف ولهذا تتواصل المقاومة وترفض الشعوب التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
اعتماد سياسة الأرض المحروقة من قِبل الحكومة الإسرائيلية في غزة وفي فلسطين ليس سلوكًا مُستحدَثًا، فالحريق يغطي كل الأرض الطاهرة، والحماقةُ الكبرى التي تمادت فيها الحكومة المُتطرفة هي تدنيس المقدسات وتلويث القدس الشريف بالحصار والبذاءة والابتذال، فكان ما حدث من طوفانٍ بمعنى الكلمة انتصارًا للقدس.
ما حدث ويحدث حتى الآن يشكل فضيحةً وعجزًا كبيرًا لأجهزة العدو الاستخباراتية وجاهزية جيش العدو القتالية، فقد كسرت «حماس» غطرسة قوات الاحتلال العنصرية التي ظلت تعيش على دماء الشعب الفلسطيني المُقاوم.
الفضيحة الكبرى هي لأمريكا والدول الغربية التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وهي ترى وتشاهد شعبًا يُذبح من الوريد إلى الوريد ببربرية غير مسبوقة قلَّما شهدناها على مر التاريخ الحديث، فإسرائيل تمثل إساءة بالغة للوجدان الإنساني واستهتارًا فاضحًا بالقوانين الدولية والعدالة الإنسانية … بعد طوفان الأقصى لن نصدق أكاذيب العواصم الغربية المتعطشة لدماء الأبرياء.
ما حدث في غزة لم يقف عند حدود القطاع وإنما تواصلت تداعياته في كل العواصم وعبر كل الوسائل الإعلامية والوسائط الاجتماعية، لتفضح أكذوبة الغرب الذي ينظر بعين واحدة متجاهلًا بازدراء مأساة الشعب الفلسطيني وعذابات قطاع غزة الذي دمره الطيران الأمريكي الحديث.
عندما أبحرت حاملة الطائرات «جيرالد فورد» صوب السواحل الفلسطينية لم يهتز يقينُ المقاومين البواسل بالنصر، والقدرة على التصدي لغطرسة وعدوانية العدو الإسرائيلي وهي إرادة «الحياة بشرف أو الموت بكرامة».
في هذه المحنة التي يعيشها العالم بأسره لحظة بلحظة لا نملك نحن المُكبلين بقيود البلادة وانطفاء الغيرة القومية سوى أن ننحني بتقدير وإجلال للمقاومة الوطنية الفلسطينية، وفي صدارتها حماس وكتائب القسام كما نحيّي كل المواطنين الذين خرجوا متظاهرين في عواصم العالم المُختلفة دعمًا لصمود المُقاومة النبيل والمشرّف رغم الألم والمعاناة والدموع والدماء، كما شاهدنا في العواصم العربية والإسلامية تحركات جماهيرية لنصرة المقاومين معنويًا.
الملحمة التي سطرها أبطالُ المقاومة أصبحت كتابًا مفتوحًا لكل المُتطلعين للعدل والكرامة والشرف، ومهما كان الثمن غاليًا وعزيزًا فإن فلسطين والأقصى تستحق أكثر من ذلك، وعلى الأمم المتحدة التي تتابع الوقائع بوَجَل أن تتصدى للحصار الذي يتعرض له القطاع فما يحدثُ يناقض كافة الشرائع والقوانين الإلهية والوضعية.