المنتدى

نهاية نتنياهو!

بقلم /سليم عزوز ( كاتب وصحفي مصري )

 

وكما انتهى المُستقبل السياسي لأولمرت سينتهي نتنياهو سياسيًا، والفضل للمُقاومة!
نتنياهو يخوض حرب حياة أو موت، حياته وموته هو، وهذا ما يجعله يندفع في المعركة بدون حسابات أخرى، وعلى غير القواعد الإسرائيلية التقليدية!
في كل معاركه يعمل الكِيان حسابًا لقيمة العنصر البشري، فإذا ما مات أو قُتل، كان الاهتمام مُبالغًا فيه من الحصول على رفاته، ورأينا كيف أن المُفاوضات استمرّت طويلًا من أجل شاليط، حيث عرضت نفسها بسببه للمُساومات، ودفعت للخضوع دفعًا، ووافقت على كل شروط المقاومة بعد أن فشلت المُحاولات العربية في دفع حماس لتسليمه بدون قيد أو شرط!
في هذه المرة، فإن عدد الرهائن كثيرون، وبدا نتنياهو غير معني بالأمر ويُريد أن يُغيّر قواعد اللعبة، ولو أدى الأمر إلى فقدهم تمامًا، بعد إعلان المُقاومة تعرض بعضهم للقتل بسبب القصف الإسرائيلي، ولم يهتز لنتنياهو لذلك رمش، واستمر في جنونه غير مُبالٍ بقتلهم، بل أراد الإيعاز لأسرهم بأنهم قُتلوا فعلًا، وذلك حتى لا يكون هناك ما يمنعه من خوضه الحرب المجنونة، ويرفض الهدنة ولو مؤقتة، كما يرفض السماح بشكل تام لتقديم الدواء والطعام لسكان القطاع!
ولم ينطلِ الأمر على ذوي الرهائن أو الأسرى، وحاصروا مكتب نتنياهو وطالبوا بإسقاطه لامتناعه عن تمهيد الأجواء لإعادتهم، وبعجرفة قال لا بدّ من إطلاق سراحهم بدون قيد أو شرط وبدون توقف القصف، ودفعه جنونه إلى تصور أن المُقاومة سترد عليه: سمعنا وأطعنا!
وكلما استمرّت الحرب تعقدت المُشكلة، مع الإعلان من جانب حركة حماس عن تزايد أعداد القتلى من بين الرهائن والذين لا يوجدون في مكان واحد، ولا يبدو الطرف الفلسطيني مُستعدًا للتفريط في هذا الصيد الثمين!
من بين أسباب مُبادرة المقاومة بطوفان الأقصى، وجود أسرى في السجون الإسرائيلية بعضهم بها منذ أربعين عامًا، وكان من أسباب ما جرى هو للمُقايضة، فالأسرى أمام الأسرى، وإذا كان لا بد من مُقايضة الأطراف الدولية وإبداء حُسن النية، فعن طريق الإفراج عن كبار السن، أو لمُزدوجي الجنسية، وغير هذا فلن يخضعوا لنتنياهو، الذي تدفعه عجرفته دائمًا لوضع مُعادلات القوة، التي لم يعد يملكها، فالسلام لم يعد من أجل الأرض، فالسلام من أجل السلام، وهو رغم فساده نجح في تقديم نفسه للإسرائيليين بأنه قادر على تحقيق الأمن لهم، وها هو يفقد ميزته فماذا بقي منه؟
لقد قلبت المُقاومة المُعادلات رأسًا على عقب، وانخفضت شعبية نتنياهو بحسب استطلاعات الرأي الإسرائيلية، وإلى درجة أنه لو خاض الانتخابات الآن فسوف يسقط سقوطًا مُروعًا، لتنتهي ظاهرة تُمثل الرداءة السياسية في أحط معانيها، وتكمن أزمته أنه لن يستطيعَ أن يُحقق نصرًا يُبشر به، ويمكنه أن يرد الاعتبار لنفسه، قبل رده للكِيان!
الإجماع مُنعقدٌ على أن الكِيان مُني بهزيمة، ذكّرت بانتصار السادس من أكتوبر 1973، ومن بين المُحللين الإسرائيليين من أقرّ بأن طوفان الأقصى كان هو الأقوى في قوته وتأثيره، بل إنه الأقوى في تاريخ المواجهة مع العرب، وإذا كانت ثُغْرة الدفرسوار قد مثلت بقعةً في ثوب الانتصار الأكبر، فيمكن اعتبار أن حجم الضحايا الكبير، والاستهداف للمدنيين، بمثابة هذه الثُغْرة، وهو رد فعل لا ينفي أن النصر قد حدث، وأن رد الفعل الغاشم، لا يُمثل أي انتصار، بل إنه بدأ في تأليب العالم على هذه الهمجية الإسرائيلية، وشاهدنا مُظاهرات في عواصم غربية عدة لم يكن آخرها ما جرى في الولايات المُتحدة الأمريكية من مُظاهرة وصفت بأنها غير مسبوقة تُندّد بهذا الإجرام، ولم يُشارك فيها ممن هم من أصول عربية فقط، ولكن شارك فيها معهم أمريكيون ويهود أيضًا.
ووضع نتنياهو أهدافًا لحربه، وقرر الاجتياح البري، لكنه يبدو إلى الآن خائفًا يترقب، غير قادر على تكلفته الباهظة، لأنه سيكون أمام أفغانستان أخرى، ثم كان الهدف هو إنهاء حركة حماس تمامًا، والمؤكد أن هذا لن يحدث، ولهذا يضرب نتنياهو كمجنون، لكن عندما تتوقف الحرب، ستظل الهزيمة قائمةً، لم ينل منها رد الفعل، ما دامت غزة بعيدةً عن الاحتلال، والمُقاومة لم يتم طردها من غزة، لتسقط قيمة نتنياهو تمامًا، ويلقى نهاية أي مغرور هُزم في المعركة، ليفقد الكِيان أحد عناوينه المُهمة، ويقف على أن القوة مهما بلغت فإنها لن تقضي على القضية الفلسطينية.
انتهى الدرس يا غبي!

[email protected]

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X