قدْ تكونُ بعضُ الألفاظ في القرآن الكريم غريبةً على بعض القارئين، لكن عند قوم لا تُعدُّ كذلك، وتختلفُ من عصر لآخر، ودرجة الغرابة هنا نسبيةٌ، وغرائبُ القرآن ليست مُنكَرة أو نافِرة أو شاذّة، فالقرآنُ منزّهٌ عن كل هذا، وإنما اللفظة الغريبة هاهنا هي التي تكون حَسَنةً مستغربَةً في التأويل، بحيث لا يتساوى في العِلم بها أهلُها وسائرُ الناس.

تَلَّ

– أصل التل: المكان المُرتفع، والتليل: العُنق، (وتله للجبين) الصافات:١٠٣ ، أسقطه على التل، كقولك: تربه: أسقطه على التراب، وقيل: أسقطه على تليله، والمتل: الرمح الذي يتل (يتل به: يصرع به) به.

تَلو

– تلاه: تبعَه مُتابعة، وذلك يكون تارة بالجسم وتارة بالاقتداء في الحُكم، وتارة بالقراءة وتدبُّر المعنى، ومصدره: تلاوة – (والقمر إذا تلاها) الشمس:٢، أراد به ههنا الاتباع على سبيل الاقتداء والمرتبة، وذلك أنه يقال: إنَّ القمر هو يقتبس النور من الشمس وهو لها بمنزلة الخليفة، وقيل: وعلى هذا نبّه قوله: (وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا) الفرقان:٦١ ، فأخبر أن الشمس بمنزلة السراج، والقمر بمنزلة النور المقتبس منه، وعلى هذا قوله تعالى: – (جعل الشمس ضياء والقمر نورًا) يونس:٥، والضياء أعلى مرتبة من النور، إذ كل ضياء نور، وليس كل نور ضياء. (ويتلوه شاهد منه) هود:١٧، أي: يقتدي به ويعمل بموجب قوله: (يتلون آيات الله) آل عمران:١١٣. والتلاوة تختص باتباع كتب الله المُنزلة، تارة بالقراءة، وتارة بالارتسام لما فيها من أمر ونهي، وترغيب وترهيب. أو ما يُتوهم فيه ذلك، وهو أخص من القراءة فكل تلاوة قراءة، وليس كل قراءة تلاوة، لا يقال: تلوت رقعتك، وإنما يقال في القرآن في شيء إذا قرأته وجب عليك اتباعه. (وإذا تتلى عليهم آياتنا) الأنفال:٣١، (أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) العنكبوت:٥١، (قل لو شاء الله ما تلوتُه عليكم) يونس:١٦، (وإذا تُليت عليهم آياتُه زادتهم إيمانًا) الأنفال:٢، فهذا بالقراءة، وكذلك: (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك) الكهف:٢٧، (واتل عليهم نبأ ابنَيْ آدمَ بالحق) المائدة:٢٧، وأما قوله: (يتلونه حقَّ تلاوته) البقرة:١٢١ فاتباع له بالعلم والعمل.