الطاقة البشرية المهدرة
بقلم/ مريم الشكيلية:
الحمد لله الذي أنعم علينا بالكثير من النعم التي لا تُعد ولا تُحصى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خيرٌ وأحبُ إلى الله من المؤمن الضعيف) صدق رسول الله الكريم..
إن القوة هي نعمة من نعم الله التي أوجدها في عباده، وهي الطاقة التي بها تتقدمُ الأمم، وتُبنى المُجتمعات، والقوة قد يفهمها البعضُ على أنها القوة الجسدية فقط، لا.. القوة التي أتحدث عنها هنا هي القوة العقلية وقوة التفكير والإبداع والإنجاز التي نحن في أمَسّ الحاجة إليها اليوم لما نشهده من تطورات سريعة مُتلاحقة في عالم مُتغير لا يهدأ.
ونحن نشاهدُ ونطّلع من خلال عالم مفتوح متداخل بفعل التكنولوجيا الحديثة، والإنترنت كيف تتنافس الأمم والمُجتمعات في الإنجاز والعمل واستخدام قوة العقل البشري في خلق تنمية تخدم مُجتمعاتها، وهذا بلا شك يعد من القوة الناعمة التي أصبحت اليوم قوة أساسية وملحة في التقدم.
ولكن مع الأسف الشديد في عالمنا المعاصر هذه الشريحة لديها طاقات مهدورة تفرغها في ما لا ينفع، وفي ما لا يُسمن ولا يُغني من جوع، طاقات ضائعة في الفراغ الذي يقيد التفكير والإبداع في الحاجة والعوز الذي أصبح يفتقر إلى مقومات الحياة البسيطة طاقات مهاجرة إلى الخارج في البحث إلى ما يسد النفس من حياة متكاملة أو حتى إن وصل بها الأمر إلى طاقات مهددة بالانتحار وليس فقط إنها حياة صاحبها، ولكن بالانتحار العبثي الذي يترك صاحبه بلا هدف ولا قيمة للعمل والتطلع إلى ما يخدم نفسه ومُجتمعه.
إننا اليوم بحاجة إلى احتواء هذه الطاقات البشرية ورعايتها من التلف والضياع والهدر، وأن نقدم لها ما يُعينها على النهوض بنفسها ووطنها من خلال بث الوعي السليم لأهميتها ومكانتها، ورفع مستوى الفهم لديها بأهمية دورها في التقدم والبناء، وخلق مناخ لها للإبداع، ومواكبة العصر الحديث مع حفظ هُويتها وصون ثقافتها من الانحلال والتلاشى مع هويات وثقافات أخرى.
عندما يشعُر الفرد بأنه صاحب رسالة سامية سوف يدرك دوره في العمل والبناء وعندما يترسّخ فيه حب الوطن والتكاتف في صون مقدراته وهُويته سوف يكون صاحب عقل وطاقة ترفع من قدر ومكانة وطنه وترك ما هو تافه لا قيمة له وحفظ طاقاته التي وهبها الله تعالى له حتى يُسخّرها في ما ينفع.
سلطنة عمان