بقلم/ خولة أحمد بعيوي:
توقّفتُ عن محاولةِ إجبار الأشياء أن تتحقّق، سعيتُ وراءَ أشياء بدتْ كالحُلمِ الجميلِ كلّمَا اقتربتُ منَها بَعدت أكثرَ، حتّى أخذنِي الوقتُ وأنا أجرِي وراءَ سرابٍ، وهنا لا أحد ينتظر، كلّ شيءٍ سريع بطريقةٍ جنونيّةٍ، بينما كنتُ أريدُ أن أتمهّل، أن أختارَ الطُرقَ بعنايةٍ، أن أعيشَ السنّوات القليلة كما أريدُ، كما أتخيّلُ، كطفلٍ صغيرٍ لا يكفُّ عن الحُلمِ وهو لا يدركُ أنْ كلّ الأحلام هنا مُجرّد سرابِ، وأنّ كلّ يوم تنضج فيهِ يختفِي فيه حُلمٌ ويتحوّلُ إلى مجرّد طريقٍ كان من المُستحيلِ أن تسلكَهُ.
بعد كلّ شيءّ، تشعرُ أنّك مُحاصَرٌ، وأنّ لكَ طريقًا واحدًا، وقدرًا محتومًا، وأنّك مهما سعيتَ وراء ما تريدُ وحتّى لو فزتَ بشيءٍ فإنّك فقدتَ أشياء لا تُعوّض وأنتَ في الطّريقِ.
الأمر لا يتعلّق أبدًا بماذا يمكنك أن تقدّم، هنالك من تقدّمُ له كلّ شيء ولا يبقى، ولا يحاول أن يحافظ عليك ولا يُظهر لك أيّ مقدار من الاحترام أو الاهتمام، حتّى إنّه يتمادى ويتكبّر ويظنّ أنّه يمتلكك للأبد، وهنالك من لا يطلبُ منك أيّ شيء، ولا يوجب عليك أن تبذل مجهودًا، يسحرُك بلطفه ورقّته معك، واستثنائك دائمًا من بين الجميع، يظلّ يُعطيك باستمرار ويبقى بجانبك دومًا، يحترمك ويهتمّ بك ويعطيك أكبر قدرٍ من الحبّ، يفعل كلّ هذا دون أيّ مقابل، فقط لأنّه يحبُّك، الأمر لا يتعلّق أبدًا بماذا تقدّم لهم، الأمر يتعلّق دائمًا بشعورهم الحقيقيّ تجاهك، فمن يريدك حقّا سيُعطيك جزءًا من روحه – وأحيانًا كلّ روحه – ولن ينتظر منك أيّ شيء.. ومن لا يريدك سيرحل حتّى لو قدّمت له قلبك على طبق من ذهب في النّهايةِ حين أُديرُ ظَهرِي، لن أقولَ أنّي استسلمتُ، أنَا الذّي أقاومُ ولو كنت آخر جندي في المعركة.