همسات قانونية …. الفضالة
يحدثُ أحيانًا أنْ يقوم أحد الأشخاص بتنفيذ أعمال عاجلة لصالحِ الغير دونَ أنْ يكونَ هناك اتفاق مُسبق بينهم، ويترتبّ على هذه الأعمال كسبًا لمنْ تمتْ لمصلحتهِ سواء عنْ طريقِ جلب منفعة لهُ أو درء ضرر عنه، ولمَّا كانت هذه الأعمال من شيمِ الكِرام فقد أقرَّها المشرِّع القطري تحت اسم الفضالة، إذْ اعتبرها من بابِ التفضُّلِ والتكرمِ الذي منْ غيرِ المُمكن أنْ يُسمح بمقابلتهِ بالجحود والنُكران، وتُعرَّفُ الفضالة بنصِ المادة (229) من القانون المدني رقم (22) لسنة 2004 بأنَّها: « قيام شخص بعملٍ عاجلٍ لصالح شخصٍ آخرَ من دونِ أنْ يكونَ هناكَ التزام قانوني يُوجِب عليه القيام بهذا العمل، ويُسمى القائمُ بالعمل باسمِ الفضولي، ويُسمى منْ تمَّ العمل لصالحهِ باسمِ رب العمل».
ويترتبُّ على الفضالة التزاماتٌ مُتبادلة على عاتقِ طرفيها، إذْ يلتزم الفضولي- طبقًا للمادةِ (231)- بأنْ يَمضي قدمًا في العملِ الذي بدأه حتى يُتِمّه، أو حتى يتمكن ربّ العمل من أنْ يتولاه بنفسه، كما يلتزم الفضولي بأنْ يُبادر إلى إخطارِ ربّ العمل بتدخلهِ حال تيسرَ لهُ ذلك، ويرجع تقدير توافر حالة اليُسر منْ عدمِها إلى قاضي الموضوع، يُقدِّرُها وَفقًا لظروفِ الحال، أمَّا عن المادة (232) فقدْ نصَّت على :»التزام الفضولي في قيامهِ بالعمل ببذلِ عناية الرجل المُعتاد، فإنْ قَصَّرَ الفضولي في بذلِ العناية المعتادة فإنهُ يُلزم بتعويضِ ربّ العمل بقدرِ ما أصابهُ منْ ضرر، ما لم يُثبت أنَّ الخطأ وقعَ بفعلِ قوة قاهرة، أو بفعلِ الغير، أو كانتْ هناك ظروف تُبرر الخطأ وتقتنع بها المحكمة، كما يلتزم الفضولي بِرَدِّ كل ما حصلَ عليه من فائدةٍ أو منفعةٍ بسببِ ما قامَ بهِ منْ عمل»، وأخيرًا يلتزمُ الفضولي بتقديم حساب مُفصَّل لربِّ العمل عمَّا قامَ بهِ من عملٍ وذلكَ وَفقًا لنصِ المادة (235) من القانون المدني.
أمَّا عنْ ربِ العمل فإنهُ:» يلتزمُ بكلِ ما تعهدَ بهِ الفضولي للغيرِ في سبيلِ تحقيق مصلحته، حتى ولو لمْ تتحقق النتيجة المرجوة من العمل»، حيثُ إنَّ الفضولي مُلزمٌ ببذلِ عناية لا بتحقيقِ نتيجة، ولمَّا كان الفضولي يحلُ نائبًا عنْ ربِ العمل فإنَّ هذا الأخير يلتزمُ بكلِ ما التزمَ بهِ الفضولي لحسابه، كما يلتزمُ رب العمل بتعويض الفضولي عمَّا تكبدهُ من خسائرَ وما أنفقهُ من نفقاتٍ في سبيل القيام بالعمل محل الفضالة، كما يشمل التعويض ما لحِقَ الفضولي من ضررٍ جراء قيامه بهذا العمل، وذلك طبقًا للمادة (237) من القانون المدني.
وختامًا؛ نقول: إنَّ المشرِّع نظَّم الفضالة ووازنَ بينَ التزامات أطرافها لتحقيق ترابط المجتمع، عن طريق حثّ الأفراد على مراعاة مصلحة بعضهم بعضًا من دونِ أنْ يُصيبهم أيُّ ضرر، بلْ إنّهم سيتلقون أجرًا جراء ما تفضلوا بالقيامِ بهِ منْ أعمال.