قد تكونُ بعضُ الألفاظ في القرآن الكريم غريبةً على بعض القارئين، لكن عند قوم لا تُعدُّ كذلك، وتختلفُ من عصر لآخر، ودرجة الغرابة هنا نسبيةٌ، وغرائبُ القرآن ليست مُنكرة أو نافِرة أو شاذة، فالقرآنُ مُنزّهٌ عن كل هذا، وإنما اللفظة الغريبة هاهنا هي التي تكون حَسَنةً مُستغربَةً في التأويل، بحيث لا يتساوى في العِلم بها أهلُها وسائرُ الناس.
ثَقَف
الثقَفْ: اَلْحِذْقُ فِي إِدْرَاكِ اَلشَّيْءِ وَفِعله، وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُلٌ ثَقِف، أَيٌّ: حَاذِق فِي إِدْرَاكِ اَلشَّيْءِ وَفعلِه، وَمِنْهُ اسْتُعِيرَ: اَلْمُثَاقَفَةُ (هِيَ اَلْمُلَاعَبَةُ بِالسِّلَاحِ)، وَرُمْح مُثَقَّف، أَيْ: مُقَوِّمٌ، وَمَا يُثَقِّفُ بِهِ: اَلثَّقَّاف، وَيُقَالَ: ثَقِفتَ كَذَا: إِذَا أَدْرَكتَهُ بِبَصَرِكَ لِحِذْقِ فِي النَّظَرِ، ثُمَّ يُتجَوّز بِهِ فَيُسْتَعْمَل فِي اَلْإِدْرَاكِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ ثَقَافَة قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) اَلْبَقَرَةَ : 191 أَيْ أَدْرَكْتُمُوهُمْ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: – (فَإِمَّا تَثقَفَنَّهُمْ فِي اَلْحَرْبِ) اَلْأَنْفَال : 57، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أخِذُوا وَقتِلُوا تَقْتِيلًا) اَلْأَحْزَابِ : 61 .
ثَقل
اَلثِّقْلُ وَالْخِفَّةُ مُتَقَابِلَانِ، فَكُلُّ مَا يَتَرَجَّحُ عَلَى مَا يُوزَنُ بِهِ أَوْ يُقَدّرُ بِهِ يُقَالُ: هُوَ ثَقِيلٌ، وَأَصْلُهُ فِي اَلْأَجْسَامِ، ثُمَّ يُقَالُ فِي اَلْمَعَانِي، نَحْو: أَثْقَلَهُ اَلْغُرْمُ وَالْوِزْرُ . قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ) اَلطَّوْرَ : 40، وَالثَّقِيل فِي الْإِنْسَانِ يسْتَعْملُ تَارَة فِي الذَّمِّ، وَهُوَ أَكْثَرُ فِي اَلتَّعَارُفِ، وَتَارَةً فِي اَلْمَدْحِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا) اَلزَّلْزَلَةَ : 2، قِيلَ: كُنُوزُهَا، وَقِيلَ: مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ أَجْسَادِ اَلْبَشَرِ عِنْدَ اَلْحَشْرِ وَالْبَعْثِ، وَقَالَ تَعَالَى: (وَتَحمل أَثْقَالكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغَيْهُ إِلَّا بِشِقِّ اَلْأَنْفُسِ) اَلنَّحْلِ : 7، أَيْ : أَحْمَالكُمْ الثَّقِيلة، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (وليحملنَّ أَثْقَالهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ) اَلْعَنْكَبُوت: 13، أَي: آثَامهُمْ الَّتِي تُثْقِلُهُمْ وَتُثَبِّطهُمْ عَن الثَّوَابِ، وقالَ تَعَالَى: (اِنْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا) التَّوْبَة: 41، قِيلَ: شُبَّانًا وَشُيُوخًا، وَقِيلَ: فُقَرَاء وَأَغْنِيَاءَ، وَقِيلَ: غُرَبَاء وَمُسْتَوْطِنِينَ، واَلْقَصْد بِالْآيَةِ اَلْحَثّ عَلَى اَلنّفْرَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَصْعُبُ أَوْ تسهلُ.