إنَّ مواثيق الأمم المتحدة أُسست على احترام حقوق الإنسان، وصون استقرار الشعوب، واحترام تعدد الثقافات، وحماية السلام العالمي، وضمان حرية الشعوب، ولذلك لا ضيرَ من اعتبار الشخص المصاب بازدواجية المعايير شخصًا مصابًا بالرؤية المُزدوجة؛ لأنه مصاب بتشوّه بصري أدّى إلى سوء انتقال الضوء من خلال العين إلى شبكيّة العين، والتي تجعل الرؤية تظهر في شكل صورتَين للجسم الواحد، وتختفي هذه الحالة عند إغلاق إحدى العينَين عن رؤية الضوء بشكل مُتكافئ، ومن خلال هذا المثال نجدُ في مواضعَ عدة، أن منظمة الأمم المُتحدة عملت منذ إنشائها على إرساء القواعد الأساسيّة والمبادئ الشرعية الدولية في شكل يحظر فيه استخدام القوّة غيرها من المبادئ المعادية لحقوق الإنسان.
كما أكَّدَ حضرةُ صاحب السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المُفدَّى، حفظه الله تعالى، على أهمية التوعية بمخاطر ازدواجية المعايير وعلى واقعية وجود هذه الظاهرة في المجتمعات من دون استثناء، والدليل على ذلك اقتباس من كلمة سموّه في قمة كوالالمبور لعام 2019: «إننا نعاني من ازدواجية المعايير في أكثر من قضيّة، وثمّة ازدواجية معايير حتى في التعامل مع حقوق الإنسان». ولهذا سنجد أن التنمية البشرية ومفهوم ازدواجية المعايير تربطهما علاقة وثيقة، فالتنمية البشرية تهدف إلى تعزيز جميع جوانب حياة الإنسان، بما في ذلك الصحة، التعليم، العيش بكرامة، والحرية، وتحسين جودة الحياة، وازدواجية المعايير تشير إلى وجود معايير مختلفة تطبق على أفراد المجتمع بصورة فردية بناءً على عوامل عدة منها: «الجنس، العِرق، الطبقة الاجتماعية، الثقافة أو الدين»، وعندما يتم فرض معايير مختلفة على أفراد مجتمع بسبب هذه العوامل، فإنها قد تؤدي إلى تقليل الفرص المتكافئة في الحصول على التعليم، والرعاية الصحية، وفرص العمل اللائقة، ما يؤدي بدوره إلى رسم طريق ممنهج لازدواجية المعايير التي من شأنها أن تعيق الخطط الاستراتيجية في مجال التنمية البشرية المستدامة.
ختامًا؛ نؤكّد على أن ظاهرة ازدواجية المعايير تحمل في طياتها كَمًا كبيرًا من المعوقات التنموية التي من شأنها أن تعيق الجهود الرامية في مجال تحقيق الأهداف الرئيسية للتنمية البشرية، وأن حل هذه المعضلة لأمر ضروري لتحقيق التنمية الشاملة، وإرساء قواعد متينة تمتاز بالعدالة والمساواة، من أجل بناء مستقبل زاهر يطور سياساته الداخلية بصورة تواكب التقدم، وتشجّع على الحفاظ على حقوق جميع أفراد المجتمع المدني دون استثناء.

خبير التنمية البشرية

Instegram: @rqebaisi
Email: [email protected]