قد تكونُ بعضُ الألفاظ في القرآن الكريم غريبةً على بعض القارئين، لكن عند قوم لا تُعدُّ كذلك، وتختلفُ من عصر لآخر، ودرجة الغرابة هنا نسبيةٌ، وغرائبُ القرآن ليست مُنكرة أو نافِرة أو شاذة، فالقرآنُ منزّهٌ عن كل هذا، وإنما اللفظة الغريبة هاهنا هي التي تكون حَسَنةً مستغربَةً في التأويل، بحيث لا يتساوى في العِلم بها أهلُها وسائرُ الناس.
ثَمَن
قَوْلُهُ تَعَالَى : (وَشْرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ) يُوسُفْ : 20 . اَلثَّمَنُ: اِسْمٌ لِمَا يَأْخُذُهُ اَلْبَائِعُ فِي مُقَابَلَةِ اَلْبَيْعِ، عَيْنًا كَانَ أَوْ سِلْعَة. وَكُل مَا يَحْصُلُ عِوَضًا عَنْ شَيْءٍ فَهُوَ ثَمَنُهُ. قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُوْلَٰٓئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آلَ عِمْرَانْ : 77 وَقَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا) اَلْبَقَرَةُ : 41، وَأَثْمَنتُ اَلرَّجُلَ بِمَتَاعِهِ وَأَثْمَنتُ لَهُ : أَكْثَرَتُ لَهُ اَلثَّمَن، وَشَيْء ثَمِين : كَثِيرُ اَلثَّمَنِ، وَالثَّمَانِيَةُ وَالثَّمَانُونَ وَالثُمن فِي اَلْعَدَدِ مَعْرُوف.
ثَنَى
قال الله تعالى: (ثَانِيَ اثْنَيْنِ) التوبة/40، (اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) البقرة/60، وقال :(مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) النساء/3 فيقال: ثنَّيتُه تثنيةً: كنتُ له ثانيًا، أو أخذتُ نصف ماله، أو ضممتُ إليه ما صار به اثنين. والثِنَى: ما يعاد مرتين، قال عليه الصلاة والسلام: (لا ثِنَى في الصدقة) أي: لا تؤخذ في السنة مرتين. ويقال للآوي شيئًا: قد ثنّاه، نحو قوله تعالى: (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) هود:5، وقوله عز وجل: (ثَانِيَ عِطْفِهِ) الحج/9، وذلك عبارة عن التنكر والإعراض، نحو: لوى شِدقة، (وَنَأى بِجَانِبِهِ) الإسراء/83.
والثَّنِيَّة من الجبل: ما يحتاج في قطعه وسلوكه إلى صعود وحدود، فكأنه يُثني السير، والثَّنِيَّة من السن تشبيهًا بالثَّنِيَّة من الجبل في الهيئة والصلابة.
وسُميت سور القرآن مثاني في قوله عزّ وجلّ: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي) الحجر/87، لأنها تثنّى على مرور الأوقات، وتُكرر فلا تَدْرَس ولا تنقطع مثل سائر الأشياء التي تضمحل وتبطُل على مرور الأيام، كما رُوي في الخبر في صفته: (لا يَعْوَجُّ فيقومُ، ولا يزيغُ فيستعتبُ ولا تَنقضي عجائبُه).