المنبر الحر

العلاقات بين المسميات والحدود

بقلم/ مبارك أمان نصرالله العمادي:

 بين فينة وأخرى، نلتقي ببعض الأشخاص الذين قد مروا ببعض المواقف والتحديات وبعض الشخصيات من الذين تسببوا لهم بحزن وألم وأحيانًا بغضب، فما يكون منهم (بحسب رأيهم) إلا خيار اعتزال الأشخاص والتقوقع والاختفاء لبعض الوقت، وأحيانًا تصل بهم الأمور لاعتزال وإغلاق حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي ومنصاتها، لنلتقيهم بعد فترة وتكون الحجة الوحيدة (قررت اعتزال الناس فلا خير فيهم!).

يتبادر هنا إلى ذهني العديد من الأسئلة والأفكار.. هل فعلًا الناس سيّئون للغاية؟ أو هل كل الناس طيبون ولكن المواقف هي السبب؟ هل نحن من نختار السيِّئ في مجموعة من الطيبين؟ أم أن السيئين هم من استحوذوا على الحجم الأكبر والنصيب الأعظم من البشرية؟ عفوًا.. ماذا لو كنا من السيئين ونحن ندّعي الطيبة؟

الأمر بكل بساطة في نظري ماهو إلا كشاطيء البحر.. هو مدٌ وجَزْر.. وما بين هذا وذاك، نحن نجاهد لنكون الأفضل، الأطيب، الأحن، ولكن قد يحدث أن التقدير الخاص بالأفضل والأطيب والأحن قد تتغير معاييره أو الحكم عليه بحسب المصالح والأسباب والأعذار أحيانًا.

في الدين الإسلامي مثلًا (المسلم من سَلِم المسلمون من لسانه ويده).. بشكل واضح وصريح نهانا الدين عن الأذى اللفظي والفعلي لكن في الواقع.. من منا لم يمس الآخر بأذى لفظي وفعلي حسي؟ فهل يعني ذلك أن جميعنا الآن سيِّئون؟ لذلك خُلقت التوبة والاعتذار والصَدَقة وغيرها للتكفير عما يشوبُ المسلمَ الحقَّ من انتكاسات قد تؤثر على نقاء دينه وصلاحه. هل الحلُّ إذن أن نعتزل الأفراد والأشخاص والمقربين عندما تمسنا منهم بعض العثرات أو الزلات؟ السؤال الأهم: هل الاعتزال سيجعلنا أقوى أو سيحل أو يُعافي ما أفسدته كلمة أو حصل من فعل؟

في ظنّي البسيط أن الحل هو أن نتذكر قولَ الرسول (صلى الله عليه وسلم): المؤمنُ الذي يخالطُ الناسَ ويصبرُ على أذاهم خيرٌ من الذي لا يخالطُ الناسَ ولا يصبرُ على أذاهم. رواه الترمذي وابن ماجه. إذن حُسم الأمر فالإنسان الأفضل هو من يخالط الآخرين ولا يعتزلهم وإن كان يلحقه منهم أذى، لكن لأنه دين وقاية وحماية نفسية، فقد شرع الله لنا حلولًا للتهدئة وإصلاح النفس وتطبيبها فقال تعالى في محكم تنزيله: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)، فالدواء موجود فالتسبيح وذكر الرحمن والإكثار من الصلاة لمواجهة التحديات النفسية السلبية التي قد تصيبنا بين فينة وأخرى من الأشخاص من حولنا وهم يتأرجحون بين مد وجزر في كلماتهم وأفعالهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X