لُغَتى هُويَّتي
بقلم/ نورا نصار:
كان يا ما كان، في حديث الزمان، يُحْكى أنَّ رجلًا أراد أن يتعلم لغة شعب ما، فنصحه صديقه بأن يذهب إلى تلك البلدة ويعيش هناك ليتعلم اللغة من أهلها، وبالفعل عمل الرجل بالنصيحة وسافر، وبطبيعة الحال كان الرجل يُلصق الكلمات ببعضها غير مرتبة داخل الجملة -وأحيانًا- حروفها خطأ، وكان يردد طريقة نطق كل شخص يقابله من أهل اللغة ليتعلم منهم الكلمات الصحيحة، وبعد فترة من الزمن اكتسبها، وسعد الرجل كثيرًا بما وصل إليه من تعلم هذه اللغة، وذات يوم سمع أن هناك مجلسًا للشعر فأراد أن يتفاخر بنفسه وبقدراته بين أهلها فشارك فيه، وأخذ يسترسل بالحديث معجبًا بنفسه، ولكنه سرعان ما انتبه إلى العيون المتسعة التي تحدق به، والأفواه المفتوحة على مصراعيها، فهب أحد الشعراء مستنكرًا: ما بالك يا رجل؟ من أين تعلمت هذا؟ فأجابه متعجبًا: منكم!
فرد الشاعر: لغتنا أسمى من هذه الركاكة.
وبعدما جلس معهم واستمع إليهم اكتشف أن هذه هي اللغة الأصلية بأسمى معانيها، و أن الذين تعلم منهم كانوا فقط يتكلمون معه بنفس كلماته غير المرتبة فخرجت منهم لغة ركيكة بعيدة أشد البعد عن اللغة الأصلية، وبدلًا من أن يتعلم منهم هم من تعلموا منه حتى تشوهت لغتهم، فقال الرجل: سأعود إلى بلدي، فقد أمَّلت وخاب أملي.
وهذه يا أصدقائي الحقيقة المُرَّة التي نحن بها في عصرنا الحالي مع لغتنا العربية ومع من يأتي أجنبيًا ليتعلم منَّا، فصرنا نتعامل معه بلغة مشوهة.
نحن العرب حُراس اللغة فعلينا أن نحميها من التشويه والضياع.