هل يتنبأ الذكاء الاصطناعي بأحداث حياتنا؟
بقلم/ د. أسامة أبو الرب:
توصلت دراسةٌ حديثةٌ إلى أنه يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات مُتعلقة بإقامة الأشخاص وتعليمهم ودخلهم وصحتهم وظروف عملهم، والتنبؤ بأحداث الحياة بدقة عالية.
مع أن نتائج الدراسة مُذهلة، إلا أنها أيضًا مُرعبة. فهل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتنبأ بالمُستقبل؟ وهل سيكون الشخص مُهتمًا فعلًا بأن يعرفَ ماذا تنبأ له الذكاء الاصطناعي؟
وأجرى الدراسةَ باحثون من الجامعة التقنية في الدنمارك وجامعة كوبنهاجن والاتحاد الدولي للاتصالات وجامعة نورث إيسترن في الولايات المُتحدة، ونشرت في مجلة طبيعة العلوم الحسابية Nature Computational Science، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
ووجدَ العلماء أنه إذا استخدمت كَميات كبيرة من البيانات حول حياة الناس وقمت بتدريب ما يُسمَّى ب «نماذج المحولات»، التي مثل تشات جي بي تي ChatGPT تستخدم لمُعالجة اللغة، يمكن تنظيم البيانات بشكل منهجي والتنبؤ بما سيحدث في حياة الشخص وحتى تقدير وقت الوفاة.
ونموذج المحول هو عبارة عن بنية بيانات تعلم عميق للذكاء الاصطناعي تستخدم للتعرّف على اللغة والمهام الأخرى. يمكن تدريب النماذج على فهم اللغة وتوليدها. تم تصميم نموذج المحول ليكون أسرع وأكثر كفاءة من النماذج السابقة وغالبًا ما يستخدم لتدريب نماذج اللغات الكبيرة على مجموعات البيانات الكبيرة.
وقامَ الباحثون بتحليل البيانات الصحية والارتباط بسوق العمل لستة ملايين دنماركي في نموذج أطلق عليه اسم لايف 2 فيس life2vec. وبعد أن تم تدريب النموذج في مرحلة أولية، نجح بالتنبؤ بنتائج مثل وقت الوفاة بدقة عالية.
وقالَ الباحث سوني ليمان: «الأمر المُثير هو اعتبار حياة الإنسان بمثابة سلسلة طويلة من الأحداث، على غرار كيف تتكوّن الجملة في اللغة من سلسلة من الكلمات. وهذا عادة هو نوع المهمة التي تستخدم من أجلها نماذج المحولات في الذكاء الاصطناعي، ولكن في تجارِبنا نستخدمها لتحليل ما نُسميه تسلسلات الحياة، أي الأحداث التي حدثت في حياة الإنسان».
ويُشيرُ الباحثون إلى أن الأسئلة الأخلاقية تُحيط بنموذج life2vec، مثل حماية البيانات الحساسة، والخصوصية، ودور التحيز في البيانات. ويجب فَهم هذه التحديات بشكل أكثر عمقًا قبل أن يُصبحَ من الممكن استخدام النموذج، على سبيل المثال، لتقييم خطر إصابة الفرد بمرض أو غيره من أحداث الحياة التي يمكن الوقاية منها.
وأضافَ ليمان: «يفتح النموذج وجهات نظر إيجابية وسلبية مُهمة للمُناقشة والمُعالجة سياسيًا. وتستخدم اليوم بالفعل تقنيات مُماثلة للتنبؤ بأحداث الحياة والسلوك البشري داخل شركات التكنولوجيا التي، على سبيل المثال، تتبع سلوكنا على الشبكات الاجتماعية، وتصفنا بدقة شديدة، وتُقدّم لنا معلوماتٍ دقيقةً للغاية».
ووَفقًا للباحثين، فإن الخطوة التالية ستكون دمج أنواع أخرى من المعلومات، مثل النصوص والصور أو المعلومات حول اتصالاتنا الاجتماعية. يفتح هذا الاستخدام للبيانات تفاعلًا جديدًا تمامًا بين العلوم الاجتماعية والصحية.