كتاب الراية

همسات قانونية.. تزوير الأختام والمحررات الرسمية

تُمثِّل الأختامُ الحكوميةُ رمزًا لهيبة الدولة ومصداقيتها، ومنْ ثَمَّ فإنَّ المساسَ بتلك الأختام أو بغيرها مما تُصدره الدولة من طوابع يُعتبر مساسًا بأمنها القومي وهيبتها، وذلك لأنَّ الأختام الرسمية تُضفي على الأشياءِ حجية ومصداقية، حيث إنَّ التلاعب بها بالتقليدِ أو التزويرِ يَمس ما يلزم وجوده فيها من مصداقية، ولذلكَ شدّد المُشرّع عقوبة تقليد أو تزوير الأختام الرسمية والعلامات والطوابع ومُصدرات الدولة ذات الحجية. حيث نصت المادة (211) من قانونِ العقوبات رقم (11) لسنة 2004 على عقوبة الحبس الذي لا يُجاوز الخمس عشرة سنة لكل من زوّر أو قلد الأختام والطوابع والعلامات الحكومية، وقد تناولت ذات المادة بعض صور ارتكاب جريمة تزوير الأختام والعلامات والطوابع العامة، التي من أهمها تقليد أو تزوير ختم الدولة، أو ختم أو إمضاء سمو الأمير، وكذلك أختام وطوابع وعلامات الجهات الحكومية كالوزارات والمؤسسات العامة والجمعيات التعاونية والشركات والجهات التي يعتبر القانون أموالها أموالًا عامة، كما يُعاقب بذات العقوبة كل من زوّر أو قلد الدمغات الحكومية للمعادن النفيسة.

وتقوم الجريمة باستعمال هذه الأشياء إذ لا يلزم لقيام الجريمة قانونًا أن يقومَ الجاني بفعل التزوير؛ بل يكفي مجرد استعماله للأشياء المزوّرة مع علمه بتزويرها أو تقليدها، إلا أنَّ اقتصار فعل الجاني على استعمالِ الأشياء المزوّرة فقط يُعدُ سببًا لتخفيف العقاب، إذْ ليسَ من المنطق أن تتساوى عقوبة من زورَ وقلدَ بعقوبة من استعمل فقط، وهو ما تناولته المادة (212) من قانون العقوبات بنصها على مُعاقبة كل من استعمل أختام أو علامات أو دمغات الدولة ومُمثليها بالحبس الذي لا يجاوز عشر سنوات. أمَّا بالنسبة للأختام والدمغات الخاصة بالأشخاص والمؤسسات الخاصة فإنَّ المُشرّعَ قد قررَ لها حماية خاصة تتماشى مع طبيعتها، إذ نَصَّت المادة (213) من قانون العقوبات على تخفيف عقوبة كل من قلدَ أو زوّرَ علامات أو أختام أو دمغات إحدى الجهات الخاصة أو الأفراد العاديين إلى الحبس الذي لا يُجاوز الثلاث سنوات، وبالإضافة إلى عقوبة الحبس كعقوبةٍ أصلية فإنه يوجد عقوبة تكميلية وجوبية تتمثل في المُصادرة المنصوص عليها بالمادة (65) من قانون العقوبات، إذ إنَّ كل الأشياء المُستخدمة في التزوير تُصادر وجوبيًا كعقوبة تكميلية لعقوبة الحبس الأصلية.

وختامًا نقول إنَّ المُشرِّع قد اتخذَ مسلكًا حسنًا بتغليظ عقوبة تزوير الأختام والعلامات والطوابع الحكومية وذلكَ تحقيقًا لأهداف العقوبة من الردع والزجر، ولحفظ ما للدولة من هيبةٍ وسيادةٍ، وما يفترض من مصداقيةٍ فيما تصدره من أشياء أو ما تضفيه على الأشياء من حجية، وقد أحسنَ المُشرِّع صُنعًا بتوفير الحماية اللازمة لأختام ودمغات الأفراد العاديين والمؤسسات الخاصة لما لذلك من دورٍ في دعم النظام الاقتصادي للدولة.

 

[email protected]

twitter.com/MajdFirm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X