راية الإسلام

غريب القرآن

قد تكونُ بعضُ الألفاظ في القرآن الكريم غريبةً على بعض القارئين، وغرائبُ القرآن ليست مُنكرة فالقرآنُ منزّهٌ عن كل هذا، وإنما اللفظة الغريبة قد تكون حَسَنةً مستغربَةً ولا يتساوى في العِلم بها أهلُها وسائرُ الناس.

ثَوْبٌ

أَصْلُ الثَّوْبِ: رُجُوعُ الشَّيْءِ إِلَى حَالَتِهِ الأولَى التِي كَانَ عَلَيْهَا، ومنه قَوْلهُمْ : ثَابَ فُلَانٌ إِلَى دَارِهِ، وَثَابت إِليَّ نَفْسِيٍّ، وَسُمِّيَ مَكَانُ المُسْتَسْقِي عَلَى فَمِ البِئْرِ مَثَابَةً، أما الثَّوْب بمعنى اللباس، سُمِّي بِذَلِكَ لِرُجُوعِ الغَزْلِ إِلَى الحَالَةِ التِي قُدِّرَتْ لَهُ، وَكَذَا ثَوَابُ العَمَلِ، وَجَمْعُ الثَّوْبِ أَثْوَاب وَثِيَابٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) المُدَثِّرَ : 4 يُحْملَ عَلَى تَطْهِيرِ الثَّوْبِ،

وَالثَّوَابُ : مَا يَرْجِعُ إِلَى الإِنْسَانِ مِنْ جَزَاءِ أَعْمَالِهِ، فَيُسَمَّى الجَزَاءُ ثَوَابًا تَصَوُّرًا أَنَّهُ هُوَ هُوَ، ألا تَرَى كَيْفَ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الجَزَاء من نَفْس العَمَلِ فِي قَوْلِهِ: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) الزَّلْزَلَةَ : 7، وَلَمْ يَقُلْ جَزَاءَهُ، وَالثَّوَابُ يُقَالُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ، لكنَّ الأَكْثَر المُتَعَارَف عليه يكونُ فِي الخَيْرِ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّه عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) آل عِمْرَان : 195، ( فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْن ثَوَابِ الآخِرَةِ) آل عِمْرَان : 148، وَكَذَلِكَ المَثُوبَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ) المَائِدَةِ : 60، فَإِنَّ ذَلِكَ اسْتِعَارَة فِي الشَّرِّ كَاسْتِعَارَةِ البِشَارَةِ فِيهِ. قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لمَثُوبَة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) البَقَرَةِ : 103، وَالْإِثَابَةُ تسْتَعْملُ فِي المَحْبُوبِ، قَالَ تَعَالَى: (فَأَثَابَهُم اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ( المَائِدَةُ : 85، وَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ فِي المَكْرُوهِ (فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ) آل عِمْرَان : 153، عَلَى الاسْتِعَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالتَّثوِيب فِي القُرْآنِ لَمْ يَأتِ إِلَّا فِي المَكْرُوهِ، نَحْو: (هَلْ ثُوِب الكُفَّار ما كانوا يفعَلون) المُطَفِّفِين: 36، وَأما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَإِذْ جَعَلَنَا البَيْت مَثَابَةً) البَقَرَة : 125، قِيلَ : مَعْنَاهُ: مَكَانًا يَثُوبُ إِلَيْهِ النَّاسُ عَلَى مُرُورِ الأَوْقَاتِ، وَقِيلَ :مَكَانًا يُكْتَسبُ فِيهِ الثَّوَابُ. وَالثَّيِّب : التِي تَثُوبُ عَنْ الزَّوْجِ. قَالَ تَعَالَى: (ثَيِّبَات وَأَبْكَارًا) التَّحْرِيمُ : 5، وَقَالَ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلَامُ: (الثَّيِّب أَحَقُّ بِنَفْسِهَا) وَالتَّثْوِيبْ : تَكْرَارُ النِّدَاءِ، وَمِنْهُ التَّثَوِيبُ فِي الأَذَان.

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X