المنبر الحر

ماذا سيكتب المؤرّخون؟

بقلم  / عبدالعزيز المصطفى

 

أشيرُ في بدايةِ مقالتي لشهادةٍ كتبها المؤرخُ « عزالدين أبو الحسن الموصلي» المعروف بـ «ابن الأثير الجزري» في كتابه «الكامل في التّاريخ»، وقد ذكرها بعد اجتياح المغولِ لبلاد الإسلام، ولكن قبل أن يسيطروا على مركز الخلافة العباسية ببغداد عام ‏‏‏‏656هـ،‏‏‏‏ فيقول في وصف تلك الحقبة: لقد بقيتُ عدةَ سنين مُعرضًا عن ذكر هذه الحادثة؛ استعظامًا لها، كارهًا لذكرها، فأنا أقدّمُ إليكم رِجلًا وأُؤخر أخرى، فمن الذي يسهلُ عليه أن يكتب نعيَ الإسلام والمسلمين!! ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك! فياليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مِتُّ قبل هذا وكنت نسيًا منسيًا!!.
من هنا أبدأ: تُرى ونحنُ نرى شلالَ الدّم المتدفق في «فلسطين» الجريحة، أمام مرأى العالم أجمع، ماذا يقول المرء، وماذا سيسطّر المؤرخون عن هذه الحقبة السّوداء في تاريخ الإنسانية؟!!
هل سيكتبون أنّ أكثر قوة همجية في العصر دمرت شعبًا دون أن يتحركَ جفنٌ لأصحابِ القرار؟! أم سيقولون إنّ عجز المنظومة الدوليّة وتخاذل دولٍ عظمى كان سببًا في كارثة بشرية في العصر الحادي والعشرين.
وإذا كان الأمر كذلك وقانونُ الغاب هو المتحكم في العالم، فعلام المنظمات الدولية والقانون الدولي؟!
أيًا يكن ما سيكتبه المؤرخون عن هذه الحقبة، فإنّ المؤكد أنّ الشعب الفلسطيني بصبره ونضاله يكتب اليوم تاريخًا مشرقًا، ليس لأمتنا فحسب بل لكلِّ شرفاء وأحرار العالم.
إنّ أعظمَ جريمة تُرتكب اليوم هي قتل الشعوب المستضعفة بغطاء من دول تدعى حقوق الإنسان، أجل أيها القراء لقد وصلت البشريةُ إلى أرذل الأخلاق وأحط القيم، يتساءل الجميعُ: إلى متى ستستمر هذه البربرية التي لم يعرف لها القرن شبيهًا؟! أليس بينكم رجل رشيدٌ؟!!
أختم بما ذكره الدكتور «محمد حسنين هيكل» في إحدى مقابلاته، فيقول: التقيتُ رئيس الهند الأسبق «راجاجيري فينكاتا غيري» وسألته: كيف ستحلون مشاكل الهند؟
أجابه: عددُ سكان الهند خمسمائة مليون نسمة، وعشرُ هؤلاء هم النخبة القادرة على حمل المستقبل ورفع الكتلة الشعبية، ولكن أخشى ما أخشاه ألاّ تتمكن النخبة من حمل الكتلة، وعندها ستسقط الكتلة على النخبة، ويسقط البلد بكامله»
لذا فإنّ العالم اليوم إن لم يتمكن من حماية فلسطين وشعبها، ووقف حمام الدم والإجرام الإسرائيلي فإنّ الجميعَ سيسقط.
يبقى القول: الحوادثُ عظيمةٌ في محيطنا، وهي بحاجةٍ لقرارات عظيمة وشُجاعةٍ، فهل من معتصم؟!!

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X