الباب المفتوح …. الموازنة الذكية ومضاعفة الإنفاق على قطاع الاتصالات والتكنولوجيا
تُرسي حكومةُ قطر موازنتَها السنوية التقديرية للعام القادم وسط قراءة مُتقلبة الوضوح لحالة الاستقرار الإنفاقي الذي سينفق 201 مليار ريال تقريبًا في مصروفات العام القادم مع التنوّع في مصادر الدخل وتوقعات بتحقيق عجز بسيط في الموازنة يصل إلى 6.2 مليار وسداد مُستحقات الدين العام ب 7.3 مليار، بالوقت الذي تُقدّر فيه الإيرادات العامة المُتنوّعة ب 202 مليار، بهذه الخطوط العريضة يمكن التنبؤ بما سيكون عليه الوضع الاقتصادي لاقتصاد الدولة في العام القادم، وللوقوف على مُكوّنات وتحديات وبيئة هذه الموازنة، لا بدّ من الأخذ بعين الاعتبار توقعات الحالة الجيوستراتيجية والاقتصادية والسياسية العالمية، التي يستند إليها سنويًا بشكل تحليلي للبناء على أساسها، وخصوصًا مع اشتداد التطوّرات الجيوستراتيجية الدولية وتطوّر الأوضاع، التي صدرت فيها عدة تقارير تُشير إلى استمرار حالة التأزم الاقتصادية السياسية القائمة بما سيؤثر على حركة التجارة العالمية وأسواق المال والصناعة والطاقة حول العالم، سيكون للإنفاق الحكومي آثاره على كل القطاعات المُرافقة بما يضمن حركة السيولة التداولية تِجاريًا، وعلى مُستوى القطاعات المُمثلة في السوق المالي إيجابًا، والقطاع الخاص بكل مُكوّناته.
هنا نأخذ بعض مُكوّنات موازنة الدوحة، التي قدرت أسعار النفط عند 60 دولارًا للبرميل، بشكل تحوطي بعد أن كان في موازنة العام السابق 65 دولارًا للبرميل، وذلك تحسبًا لتقلبات الأسعار، طبعًا مع العمل على موازنة كَميات الإنتاج، إلا أن من مُميزات هذه الموازنة الذكية هو التوجّه نحو مُضاعفة الإنفاق والاستثمار الضمني في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا بعموم أشكالها، وهذا يعتبر توجهًا ذكيًا بمعنى الإنفاق الاستثماري، الذي يدمج مفهوم المصاريف مع الاستثمار في وقت واحد، بما يُحقق منافع تشغيلية وخدمية، وبنفس الوقت استثمارية استراتيجية، وتعتمد هذه الاستراتيجية على التنويع المُناسب بين مُزودي خدمات التكنولوجيا والاتصالات في العالم، بما يضمن الاستفادة من بيئة التنافس وتثبيت مبدأ تحييد التكنولوجيا سياسيًا، وهذه قمة الذكاء الاستثماري الإنفاقي الاستراتيجي، وبنفس الوقت يأتي ذلك قطعًا مع زيادة الاستثمار في القطاع الكربوني من خلال توسعة حقل الشمال وتطوير حقول جديدة وتعزيز الشبكات اللوجستية للقطاع والشراكات مع الشركات الدولية في مجال النفط والطاقة، وبالعودة للموازنة التقديرية، حيث إن اعتماد منهجية مُتوازنة مُتقاربة على مر السنوات السابقة انعكس على الاستقرار والنمو بشكل مُتوازٍ مُنتظم في مُعظم القطاعات، وعلى رأسها الاتفاق المنهجي السنوي على كل من التعليم والصحة والأشغال العامة والرواتب والبحث العلمي وغيرها من القطاعات، إن هذه المنهجية لا تعني الرتابة إطلاقًا، فبجانب استقرار نمو تلك القطاعات إلا أنها ديناميكية في نفس الوقت من خلال اعتماد آليات مُستحدثة في كل عام في رؤية التطبيق، وتبقى دائمًا الرؤية والاستراتيجيات المُتبعة في تنفيذها أهم عناصر نجاح ونمو اقتصاد الدولة، وبالتالي مُجتمعاتها بشكلها التكاملي الشمولي.