حلف أمريكي إسرائيلي أعمى
بقلم/ رندة تقي الدين:
منذ أن تأسست إسرائيل كانت الدبلوماسية الأمريكية مؤيدة وحليفة لسياسة الاحتلال بحجة أنه يدافع عن بقائه.. الإدارات الأمريكية المتتالية كما وأعضاء الكونجرس من جمهوريين وديموقراطيين فشلوا في قراءة ما هو الأفضل لإسرائيل التي أنشئت على أرض سلبت من الشعب الفلسطيني. فبدلًا من العمل على تصحيح الأخطاء التي نتجت عن إنشاء الاحتلال الإسرائيلي على حساب شعب فلسطيني له جذوره وتاريخه على هذه الأرض ارتأت الإدارات الأمريكية المختلفة أن تعتمد على تشجيع إسرائيل على استخدام القوة والسلاح المتقدم التي مدتها به.
اليوم حكومة الحرب الإسرائيلية التي يرأسها بنيامين نتنياهو توعدت بحرب طويلة ضد حماس وأصبحت في الواقع حربًا ضد الشعب الفلسطيني بأسره أينما كان في الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس عبر المستوطنين وفي قطاع غزة الذي تم تدميره. إن هذه الحرب الإسرائيلية قتلت أكثر من ٢٠ ألفًا من أطفال ونساء وعائلات غزاوية. لا يمكن لشعب أن يبقى آمنًا في ظل حروب مستمرة. نتنياهو يريد حربًا طويلة لأنه يريد البقاء في الحكومة والهروب من محاكمته بالفساد. وزير الدفاع بيني غانتس يهدد بتوسيع الحرب إلى لبنان وهو متعطش لتدميره والقتال في بلد يتمنى خرابه. إدارة الرئيس بايدن رفضت أن يتضمن قرار مجلس الأمن لغزة وقفًا دائمًا لإطلاق النار. اكتفت بتضمنه فتح ممرات للمساعدات الإنسانية. كيف تدخل المساعدات والقصف الإسرائيلي على غزة مستمر. المساعدة الإنسانية تكون أولًا في وقف القصف الذي بذاته هو غير إنساني. من عاش حروبًا يعرف أن القصف وإطلاق النار يعني إرهاب البشر فالإنسانية تبدأ بوقف إرهاب الناس فضلًا عن ادعاء فتح ممرات إنسانية يصعب فتحها تحت نار القصف الإسرائيلي.
إن مقولة حق إسرائيل بالدفاع عن النفس أي حق بالحرب تمثل توصية انتحارية. لا يمكن لإسرائيل مهما كانت قوية أن تبقى في حرب مستمرة مع شعب على أرضه يقتل ويحاصر ويعذب ويمنع عن الدخول والخروج إلى قراه ومدنه وممارسة شعائر الإسلام أو المسيحية. حتى مكان ولادة السيد المسيح بيت لحم كان ممنوعًا على مسيحيي فلسطين. إنها حالة لا يمكن أن تشكل مستقبلًا آمنًا لإسرائيل ولكن السياسة الأمريكية عمياء لا ترى أن مصلحتها ومصلحة إسرائيل تكمن في إيجاد طريقة لمستقبل سلام للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. فكثر الكلام أن الولايات المتحدة أصبحت مستاءة من نهج إسرائيل في هذه الحرب كأنها وجبات للقتال ينبغي أن تختار إسرائيل أفضلها. وجدت الولايات المتحدة منذ إنشاء إسرائيل أن الأخيرة ستمثل جنديًا لها في المنطقة لكنها إذا استمرت على هذه الحالة ستصبح عبئًا جهنميًا للولايات المتحدة ومصالحها العديدة في المنطقة. لا يمكن للاحتلال الإسرائيلي أن يمحو الشعب الفلسطيني أو أن يرحله من غزة والضفة إلى الدول العربية. وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان وحزب الله. سبق لإسرائيل أن دمرت البلد في ٢٠٠٦ وقصفته في جميع أنحائه وحزب الله ما زال موجودًا وقويًا. وغانس وحكومة الحرب في إسرائيل تقول الآن إنها ستستمر في الحرب على غزة حتى إنهاء حماس، ولكن واقع الحال أنه يقتل الشعب الفلسطيني وإسرائيل تريد إنهاء الشعب الفلسطيني وليس حماس. ولكن مهما كانت قوتها لن تنجح. وليتذكر نتنياهو وغانتس وبايدن وأعضاء الكونجرس الأمريكي المؤيدون لهذه الحرب كيف انتهت حرب فيتنام وكيف خرج الأمريكيون وهم مهزومون منها مع كل قوتهم. وليتذكر الإسرائيليون أنهم استوطنوا في أرض لم تكن لهم إثر العذاب والكوارث التي تعرضوا لها في عهد النازية والحرب العالمية. هي دروس ينبغي مراجعتها بدقة والاستخلاص منها أن الحرب ليست حلًا لحماس أو القضية الفلسطينية أو مستقبل إسرائيل. فوحده الحوار والسلام واحترام الآخر والمساواة هي الحل. القتال والتعذيب والإرهاب من جميع الجهات هو جحيم لجميع الشعوب. فأفضل ما يمكن أن تفهم الإدارة الأمريكية حليفتها إسرائيل أن مصلحتهما المشتركة هي ليست الحرب ولكن «الدفاع عن النفس والمستقبل» بالسلام والحوار والحل على أساس احترام الآخر وإلا تحول الدفاع عن النفس الذي أسرع الغرب في توصيته لإسرائيل بعد ٧ أكتوبر إلى جهنم للأجيال الإسرائيلية المستقبلية.
صحفية لبنانية