همسة في التنمية.. ما عَلاقة التنمية البشرية بالتصحر؟

يُعدُّ الجفاف من أكبر التهديدات للتنمية المُستدامة، كما تشير التوقعات إلى أن احتمال تأثير الجفاف في أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم مع حلول 2050، وهذا ما استدعى الأمين العام لإطلاق العديد من المبادرات البيئية التي تهدف إلى الاستدامة والحفاظ على البيئة قائلًا في رسالته للعالم والمجتمع الدولي: «إنني أحُث الحكومات قاطبة على إزالة الحواجز القانونية التي تحول دون امتلاك النساء للأراضي وعلى إشراكهن في عمليات صوغ السياسات» .
لم يعُد التصحر في المنطقة العربية مجرد ظاهرة بيئية عابرة، بل بات خطرًا يهدد بابتلاع دول عربية بأكملها، مع استمرار زحف الرمال لالتهام ما تبقى من الأراضي الزراعية على قلتها، وهذا التطور، يشكل تهديدًا استراتيجيًا للأمن الغذائي العربي، بل وعلى اقتصاد وأمن الدول العربية، في وقت تصاعدت أزمات سلاسل إمدادات الغذاء بحدة خلال العامين الماضي والجاري.
أصبح نحو 35.7 مليون هكتار من الأراضي الزراعية بالعالم العربي، واقعًا تحت تأثير التصحر، وهو ما يعادل 18 بالمئة من مجموع المساحة الصالحة للزراعة، خاصة بالمناطق الموجودة على أطراف الصحراء الإفريقية الكبرى، وفق دراسات عديدة منشورة على موقع صندوق النقد العربي، كما أن الواقع الذي تعيشه الدول العربية يشير إلى أن 68.4 بالمئة من أراضيها مُتصحرة، و20 بالمئة منها مهددة بالتصحر، بينما لا تتعدى الأراضي غير المتصحرة 11.6 بالمئة من إجمالي مساحتها.
تشير العديد من الدراسات، إلى أن دولًا عربية بكاملها تُعد أراضي متصحرة، مثل البحرين والكويت والإمارات وقطر، بينما هناك 10 دول تتراوح فيها نسبة الأراضي المتصحرة ما بين 60 و98 بالمئة مثل مصر وجيبوتي والسعودية والجزائر والأردن واليمن والمغرب، كما أن هناك دولًا أكثر من 50 بالمئة من أراضيها مهددة بالتصحر مثل الصومال وسوريا والعراق.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الدول العربية لزيادة إنتاجها الزراعي والحيواني تماشيًا مع ارتفاع عدد السكان حول العالم، فإن التصحر يلتهم سنويًا مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية والرعوية والغابية، وحسب الدراسات المعنية بمجال البيئة، فإن ارتفاع أسعار السلع الغذائية في السوق العالمية، خاصة بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، في 2022، رفع من فاتورة غذاء الدول العربية ما يجعلها أكثر تبعية للدول المصدرة للغذاء وهذا ما يهدد أمنها الغذائي والقومي على حد سواء، ما يستدعي دول المنطقة دعم شعوبها لاستيطان المناطق الصحراوية وفتح مساحات جديدة للإعمار بصورة مُستدامة، تحت شعار يواكب شعار الأمم المتحدة «المرأة.. أرضها.. حقوقها» .

خبير التنمية البشرية

Instegram: @rqebaisi
Email: [email protected]