ما بين السطور.. وانتهى هذا العام
كل ما يأتي للحياة، لا بدّ له أن يرحلَ ذات يوم، الإنسان يرحل، الطيور ترحل، الفرح والأنس يرحل، الشباب والصبا يرحلان، كل ما يقع تحت اسم الحياة يرحل.
وها هو هذا العام، الذي لم ينتهِ بأي فرح وسعادة، بل قبل أن ينتهي كان قد ضحى بالآلاف من البشر المُسالمين، تحت أعين وسمع العالم كله.
فهل يجب أن تنهي الأعوام لقاءها بالبشر بهذا الجحود والنكران ؟
وهذا لا يحدث في هذا العام الراحل اليوم فقط، بل إنه يحدث ربما في كل عام يمر علينا..
ربما أحيانًا لا تكون التضحية والمجازر بأيدي البشر، وإنما تكون بغضب الطبيعة وسخطها على كل من يعيش في نطاق سلطتها الطبيعية..
أي أن البشر ليس لهم أي يد في بث الموت والخوف والرعب في تلك الكوارث الطبيعية، التي أصبحت تتوالى واحدة بعد الأخرى..
فما إن تُغرق السيول والفيضانات القرى الصغيرة والمدن الكبيرة، تكون الزلازل قد تأهبت لتطلق كل عدائها للأرض ومن عليها، لتلقي بهم تحت الأنقاض، صغارًا وكبارًا، نيامًا وغير نيام، كارثة لا يمكن أن يهرب منها ومن وبالها إلا من كتب له العمر من جديد،
فكم من زلزال حدث في هذا العام، وكم من قتيل لقي حتفه بين الأنقاض، وكم قام العالم مُحاولًا إنقاذ ما تبقى من أرواح.
المصائب لا تنتقي من تُصيبهم بغضبها وسحقها، والكوارث لا يمكنها أن تُحدد أوقات هجومها وعصفها الذي لا يتوقعه أحد. فهل يكون عامنا الذي يُلملم أشلاءه اليوم للرحيل، هو عام الكوارث والنكبات والغضب الإنساني، وغضب الطبيعة، ببحارها وجبالها، وأرضها، ورياحها، وأمطارها.. ؟
لم نكن نُطلق على الأعوام السابقة الراحلة أسماء، إلا في القليل، كعام النكبة، وعام المجازر، وعام الاستقلال، وعام المُحتل، وغيرها من الأسماء التي تزامنت مع الأحداث الأليمة والسعيدة التي مرّت بها تلك الأعوام..
لكننا يجب علينا عدم إطلاق أي مُسميات على الأحداث التي لم تكن لنا أي يد فيها، فما يقع من خير أو شر، وما يحل على الأمم من حروب ومجاعات، وآفات، وفيضانات، وأعاصير، وحرائق، وكل ما يمكنه القضاء على مدن وقرى، ومن يعيش فيها من مخلوقات بشرية وغيرها، كوارث ونكبات لم يتوقعها العالم، ولم ترصدها أجهزة القياس الحديثة، فهي من صنع الله، إنها أقدار تعم وتشمل أجزاء مُتفرّقة من العالم.
بعض منا، يُطلق على تلك النكبات مفهوم العقاب أو النازلة، دون أن نعي ما تعني تلك المُفردات، وما يتم اتهامها به من خلل في الحياة الإنسانية، والحضارات قديمها وحديثها، رغم أننا نعي أنه لا يمكن لشيء أن يضر ابن آدم أو يُسعده إلا بقدرٍ كُتب له منذ الأزل..
نتمنى لكم عامًا سعيدًا، بعيدًا عن الهموم والتوتر والفراق.. وكل عام وأنتم بخير.