كتاب الراية

نبضات.. بين الوهم والحقيقة «2»

كان صاحبُ المجلس صامتًا طَوال الوقت لا يُشاركُ في الحديث، فهو قليلُ الكلام، ونادرًا ما تُثيره الأحاديث، فهو مُتعلقٌ بمواضيعه الخاصة، وبأصدقائه القريبين أحمد بن الحسين النجفي، وأبوالعلاء المعري، وعُروة بن الورد، ومحمود درويش، ويتجاذبُ أطراف الحديث مع الشاعر المُلقب بأدونيس، حول الثابت والمُتحوّل، ويغوص معه في الأدب العربي والعمق التاريخي للفكر والفلسفة والتصوف، وقد يتحول إلى صديقه قاسم حداد، في تلك الليلة أعاد المُلا الكَرَّةَ إلى المجلس وطرح موضوع «أم الخضر والليف»، والمُضحك أن المُلا اعتقد أن الموضوع مُرتبطٌ بقضايا الجان والعفاريت، مع أن الموضوع لا يرتبط بالكائنات الخرافية أو الأشباح أو الأرواح الشريرة، بل هي النخلة، فالخضر هي السفعة، والليف معروف، فالأطفال طبعًا لا يُدركون المعنى الحقيقي لأم الخضر والليف فيخشون منها ويخافون.

تدَخَّل هنا البحارُ المُخضرم إبراهيم دهام، فقال يا مُلا.. حَكايانا مع البحر، حَكايا طويلة، والشعراء ترنموا بالبحر، لأن البحر بالنسبة لنا هو الحياة، وما أكثر حكايا البحر، عندنا قصة «بودرياه» هل سمعت بها؟ نموذج ارتبط بالبحر والغاصة، أسطورة أخرى عاشت في ذاكرتنا وذاكرة الخيال الشعبي سنوات وسنوات، طبعًا هناك عشرات النماذج أنا لم أسمع بها، أو سمعت بها ولا أعرفُ مضمونَها.

تدخَّل صاحبُ المجلس قائلًا: صدقت، أنا سمعتُ مثلًا من خالي عن «أم ردوح» يُسمع صوتها في الليل تركضُ على السطوح!!

هنا ولأول مرة نطق «نواف» صح، أنا سمعت صوت رجولها فوق السطح أكثر من مرة، رد عليه شقيقه الأكبر علي: متى؟ قال: نواف: دائمًا في الليل!! أكمل الأب حديثه، حكايات الجن والأرواح الشريرة كثيرة، منها مثلًا «الجناية» وهي جنية تلبس الأسوَدَ، تسكن في البيوت المهجورة، وهناك «دعيدع» شخص يُشبه القرد، يلبسُ ثيابًا بالية، ويعيش في المقابر، في الليل، ويقوم بتخويف النساء والأطفال.

قلت: الحكايات والخرافات ذات سمات مُشتركة بين كل شعوب الأرض، فقط هناك اختلاف في الأسماء ولدى الغرب كاندي مان، يُرعبون به الأطفال ولدينا أم عويدة، ولديهم شارلي وبلادي شارلي ومومو وجاكي، ولكن عيالنا في هذا الزمن لا يخشون أي شيء.

 

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X