قد تكونُ بعضُ الألفاظ في القرآن الكريم غريبةً على بعض القارئين، لكن عند قوم لا تُعدُّ كذلك، وتختلفُ من عصر لآخر، ودرجة الغرابة هنا نسبيةٌ، وغرائبُ القرآن ليست مُنكرة أو نافِرة أو شاذة، فالقرآنُ منزّهٌ عن كل هذا، وإنما اللفظة الغريبة ها هنا هي التي تكون حَسَنةً مستغربَةً في التأويل، بحيث لا يتساوى في العِلم بها أهلُها وسائرُ الناس.

جَبل

الجَبَلُ جمعه: أجْبَال وجِبَال، وقال عزّ وجل: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهادًا وَالْجِبالَ أَوْتادًا) النبأ ٦- ٧، وقال تعالى: (وَالْجِبالَ أَرْساها النازعات) ٣٢، وقال تعالى: (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) النور ٤٣، وقال تعالى: (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) فاطر ٢٧، (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ: يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفًا) طه ١٠٥، (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتًا فارِهِينَ) الشعراء ١٤٩، واعتبر معانيه، فاستعير منه واشتق منه بحسبه، فقيل: فلان جبل لا يتزحزح تصوُرًا لمعنى الثبات فيه.

وجَبَلَهُ الله على كذا، إشارة إلى ما ركب فيه من الطبع الذي يأبى على الناقل نقله، وفلان ذو جِبِلَّة، أي: غليظ الجسم، وثوبٌ جيد الجِبلة، وتصور منه معنى العظم، فقيل للجماعة العظيمة: جِبلٌ. قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا) يس ٦٢، أي: جماعة تشبيهًا بالجبل في العظم، وقرئ: جِبِلًّا مثقّلا.

قال التوزي : جُبْلًا وجَبْلًا وجُبُلًّا وجِبِلًّا.

وقال غيره: جُبُلًّا جمع جِبِلَّة، ومنه قوله عزّ وجل: (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ) الشعراء ١٨٤، أي: المجبولين على أحوالهم التي بُنوا عليها، وسُبلهم التي قُيِّضوا لسلوكها المشار إليها بقوله تعالى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) الإسراء ٨٤، وجَبِلَ: صار كالجبل في الغلظ.

جَبن

قال تعالى: (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) الصافات ١٠٣، فالجَبِينَان جانِبا الجبهة، والجُبْن: ضعف القلب عمّا يحق أن يقوى عليه. ورجل جَبَان وامرأة جبان، وأَجْبَنْتُهُ: وجدته جبانًا، وحكمت بجُبنه، والجُبْنُ: ما يؤكل. وتَجَبَّنَ اللبن: صار كالجبن.

جَبَه

الجَبْهَة: موضعُ السجود من الرأس، قال الله تعالى: (فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ) التوبة ٣٥، والنّجم يقال له: جبهة تصورًا أنه كالجبهة، ويقال لأعيان الناس جبهة، وتسميتهم بذلك كتسميتهم بالوجوه.