قد تكونُ بعضُ الألفاظ في القرآن الكريم غريبةً على بعض القارئين، لكن عند قوم لا تُعدُّ كذلك، وتختلفُ من عصر لآخر، ودرجة الغرابة هنا نسبيةٌ، وغرائبُ القرآن ليست مُنكرة أو نافِرة أو شاذة، فالقرآنُ منزّهٌ عن كل هذا، وإنما اللفظة الغريبة هاهنا هي التي تكون حَسَنةً مستغربَةً في التأويل، بحيث لا يتساوى في العِلم بها أهلُها وسائرُ الناس.
جَحَد
الجُحُود: نفيُ ما في القلب إثباته، وإثبات ما في القلب نفيُه، يقال: جَحَدَ جُحُودًا وجَحْدًا قال عزّ وجل: (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) النمل ١٤، وقال عزّ وجل: (فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) الأعراف/ ٥١. وتَجَحَّدَ تَخَصَّصَ بفعل ذلك، يقال: رجل جَحِدٌ: شحيح قليل الخير يُظهرُ الفقرَ، وأرض جَحْدَة: قليلة النبت، وأَجْحَدَ: صار ذا جحد.
جَحَم
الجُحْمَة: شدة تأجج النار، ومنه: الجحيم، وجَحَمَ وجهُه من شدة الغضب، استعارة من جُحمة النار، وذلك من ثوران حرارة القلب، وجَحْمَتَا الأسد: عيناه لتوقدهما.
جَد
الجَدُّ: قطع الأرض المُستوية، ومنه: جَدَّ في سيره يَجِدُّ جَدًّا، وكذلك جَدَّ في أمره وأَجَدَّ: صار ذا جِدٍّ، وتصور من: جَدَدْتُ الأرض: قطعتُها.
وقيل: جددتُ الثوبَ إذا قطعتُه على وجه الإصلاح، وثوب جديد: أصله المقطوع، ثم جعل لكل ما أحدث إنشاؤه، قال تعالى:
(بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) ق ١٥، إشارة إلى النشأة الثانية، وذلك قولهم:
(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُرابًا ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) ق ٣، ومنه قيل لليل والنهار: الجَدِيدَان والأَجَدَّان، وقال الله تعالى: (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ) فاطر ٢٧، جمع جُدَّة، أي: طريقة ظاهرة، من قولهم: طريق مَجْدُود، أي: مسلوك مقطوع ، ومنه:
جَادَّة الطريق، والجَدُود والجِدَّاء من الضأن: التي انقطع لبنُها. وسمي الفيض الإلهي جَدًّا، قال تعالى: (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) الجن ٣، أي: فيضُه، وقيل: عظمتُه، وسمي ما جعل الله للإنسان من الحظوظ الدنيوية جَدًّا، وهو البخت، فقيل: جُدِدْتُ وحُظِظْتُ وقوله عليه السلام: «لا ينفعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ»، أي: لا يتوصل إلى ثواب الله تعالى في الآخرة بالجَدّ، وإنّما ذلك بالجِدّ في الطاعة،
والجَدُّ: أبو الأب وأبو الأم.