فيلم «الفتيان في القارب» هو فيلم دراما رياضي جميل ومؤثّر، من إخراج «جورج كلوني»، الذي أثبت جدارته كمُخرج ومُمثّل مُتمكّن، وأجمل ما في الفيلم أنّه يُعيدنا إلى مجد الأفلام القديمة الراقية والبعيدة عن الإسفاف والأجندات المُنحرفة التي طغت على هوليوود.
الفيلم يروي قصة حقيقية مُستندًا على الكتاب الذي يحمل نفس الاسم، والذي حقّق أعلى المبيعات حين صدر لأول مرة في عام 2013، للكاتب «دانييل جيمس براون».
تدور قصة الفيلم في فترة الكساد الاقتصادي الكبير الذي اجتاح أمريكا في حِقبة الثلاثينيّات من القرن الماضي، مع مجموعة طلّاب يجمعهم الطموح لدراسة الهندسة في جامعة واشنطن، وبعضهم يعانون من الفقر الشديد ولا يستطيعون سداد رسوم الدراسة، كما أنّه ليس لديهم عائلات ولا مكان يؤويهم.
يتم الإعلان عن دورة مُكثّفة لتشكيل فريق التجديف بجامعة واشنطن، واختيار الطلّاب المؤهّلين للمُنافسة في البطولات المحلية والدولية، فيشارك عدد هائل من الطلّاب في سبيل فرصة اختيارهم في فريق التجديف والحصول على مكانٍ يؤويهم وأجر جيّد يُساعدهم في إتمام دراستهم.
البطل هو «جو رانتز»، الذي نرى فيه الفتى الطموح والمكافح، الذي ترعرع وحده منذ الصغر بعد وفاة والدته وابتعاد والده. إنه يقود الفيلم مع 8 فتيان مُستضعفين آخرين في قصة مُلهِمة حول رحلتهم في الوصول إلى دورة الألعاب الأولمبية في برلين بألمانيا النازية آنذاك، عام 1936، أي قبل 3 أعوام من اندلاع الحرب العالمية الثانية، والمنافسة الشرسة على الميدالية الذهبية ومواجهة فرق التجديف من جميع أنحاء العالم.
لقد استمتعت بمشاهدة هذا الفيلم المليء بالطموح والأمل، وقد ذكّرني كثيرًا بالفيلم الرائع «Seabiscuit» الذي أنتِج في عام 2003. الفيلمان كلاهما يروي قصة رياضية مُلهِمة في فترة الكساد الاقتصادي الكبير، مع شخصيات يجمعهم الحب والصداقة والطموح والأمل.
الرؤية الإخراجية لـ «جورج كلوني» جعلتني أعيش الحِقبة الزمنية للفيلم مع قصته وشخصياته، وشعرت أنني أمام فيلم كلاسيكي عريق، وقد أبدع الموسيقار الفرنسي «أليكساندر ديسبلا» في الموسيقى التصويرية التي عزّزت هذا الشعور الجميل.
المستوى الفني للفيلم مبهر من ناحية التصوير والمونتاج وتصميم المواقع والأزياء والمؤثرات الصوتية. قدّم «جويل إدجرتون» أداءً مُتميّزًا بشخصية مدرّب فريق التجديف «أل ألبريكسون»، وكذلك «كالوم ترنر» بشخصية البطل «جو رانتز»، ولا أنسى بقية المُمثلين الشباب الذين أبدعوا أيضًا. إنه من الأفلام القليلة والنادرة في الفترة الأخيرة التي تترك شعورًا جميلًا للمُشاهد بالحنين للسينما القديمة الراقية بقصصها وشخصياتها.