كتاب الراية

همسات قانونية.. هل يجوز تفتيش من يتصادف وجوده مع المتهم؟

يكثر في قضايا المُخدِّرات أن يصدرَ إذن من النيابة العامة بتفتيش المُتهم ومَن يتصادف وجوده معه أثناء التفتيش، فهل يُعدُّ تفتيش غير المُتهم تفتيشًا قانونيًا؟ أمْ إنه يُخالف نصوص القانون؟

حيثُ يُشترط لصحة إجراءات الضبط والتفتيش أن تتوافرَ دلائل كافية ضد المأذون بضبطه وتفتيشه، ولا يُعد مُجرّد التواجد مع المُتهم من قبيل الدلائل الكافية، كما أنه من الثوابت القانونية أنه يلزم تحديد المأذون بضبطه وتفتيشه تحديدًا نافيًا للجهالة، كما يُشترط أن تكونَ الجريمة التي يُجرى تفتيش الشخص من أجلها قد اُرتُكِبَتْ بالفعل، فلا يجوز التفتيش من أجل جريمة مُستقبلية، وإنْ كان ارتكابها راجحًا أو مؤكدًا خلال وقت قصير، وإنْ كانَ ذلك بالنسبة لمن صدر الإذن بتفتيشه، فإنَّ الأمر مُتغيرٌ بالنسبة لمن يتصادف وجوده مع المأذون بتفتيشه، إذ إنَّ الإذن بالنسبة له يكون بشأن جريمة مُحتملة الوقوع، مناط احتمالها هو وجوده برفقة المأذون بتفتيشه!.

كما يُشترط أن تتوافر أمارات قوية على أنَّ الشخص الذي يؤمر بتفتيشه يُخفي أشياء تُفيد في كشف الحقيقة، سواء أكان الشخص الذي يُجرى تفتيشه، هو المُتهم، أو كان شخصًا آخر تتوافر هذه الأمارات بالنسبة له، وفي ذلك قضت محكمةُ التمييز بأنَّ «مجرد تواجد الطاعن مع المُتهم المُراد تفتيشه دون وجود أي دلائل تنمّ على أنه يخفي معه شيئًا يفيد في كشف الحقيقة في الجريمة التي اقترفها المُتهم الآخر ليسَ فيهِ ما يُبرّر القبض عليه وتفتيشه»، وقضت أيضًا بأنَّ «تَعرّف ما إذا كانَ مأمور الضبط قد التزمَ حدود الأمر بالقبض والتفتيش أو جاوزه مُتعسفًا ينطوي على عنصرين أحدهما مُقيد هو تحري حدود الأمر من جهة دلالة عباراته وهو ما لا اجتهاد فيه لمحكمة الموضوع، وثانيهما مُطلق لأنه ينطوي على تقرير وتقدير الوقائع التي تفيد التعسف في تنفيذه وهو موكولٌ إليها تنزله المنزلة التي تراها ما دام سائغًا، وإذ كان يُبين من الوقائع أنه بتفتيش الطاعن لم يُعثر معه على شيء يُخفيه يُفيد في كشف الحقيقة أو أي من المواد المُخدِّرة أو ما تُعد حيازته أو إحرازه جريمةً، فإنه بذلك يكون مأمور الضبط القضائي قد استنفد الغرض من التفتيش».

وختامًا وبناءً على ما سبق، نقول إنَّ كل إذن يصدر بتفتيش من يتواجد مع المُتهم أثناء تفتيشه يُعدُّ باطلًا، لأنَّ تحديد من يتواجد مع المُتهم يعتمد على الصدفة البحتة، بل إنَّ تحديده يوكل إلى هوى من صدر له الإذن بالتفتيش، حيث يستطيع أن يُبادرَ بالتنفيذ أو يُرجئ التنفيذ ليوقِع بمن يشاء ويتغاضى عمن يشاء، فالإذن بضبط وتفتيش من يتصادف وجوده مع المُتهم إجراء باطل، إذْ إنَّ مظنة المُساهمة في الجريمة محل إذن التفتيش لا تُبيح انتهاك الحرية الشخصية لأفراد المُجتمع التي يصونها الدستور والقانون.

 

[email protected]

twitter.com/MajdFirm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X