الأونروا تستحق جائزة نوبل
بقلم/ رندة تقي الدين:
أحسن النائب النرويجي اسموند أوكروست عندما صرح للصحيفة النرويجية داغبلاديت أنه يرشح «الأونروا» وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لجائزة نوبل للسلام. أسرعت ١٧ دولة ممولة للوكالة في طليعتها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا وألمانيا بإعلان تجميد تمويلها لهذه الوكالة العريقة بعد اتهام ١٢ من موظفيها بالمشاركة في هجوم حماس في ٧ أكتوبر على الكيبوتز الإسرائيلي. تم تجميد التمويل حتى قبل انتهاء التحقيق الداخلي. جاء هذا القرار غداة مطالبة محكمة العدل الدولية في لاهاي إسرائيل بإجراءات نتيجة اتهامها من جنوب إفريقيا بالإبادة في حربها على غزة. مجرد قبول المحكمة شكوى جنوب إفريقيا ورفض الطلب الإسرائيلي بردها يظهر أن القضاة ال ١٦ الذين صوتوا على قبولها ووجدوا عناصر عديدة في الحرب الإسرائيلية تدخل تحت عنوان الإبادة يظهر الواقع ولو أن المحكمة لم تنته بعد من عملها. فما هذه الصدفة التي جعلت اكتشاف هؤلاء الموظفين في الأونروا بعد يوم من هذه المحكمة ومعاقبة وكالة الأمم المتحدة بهذا الشكل؟!. إن مديرها فيليب لازاراني في عين عاصفة الإسرائيليين وخصوصًا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لأن لازاريني جال على العالم ليصف حقائق الإجرام وما يجري من انتهاكات كارثية للفلسطينيين في غزة. أينما ذهب هذا الموظف الأممي الكبير الذي زار غزة روى ما شهده في مستشفيات ومدارس الأونروا حيث لجأ إليها الأطفال والعائلات. تحدث وروى جوع الأطفال والنساء الذين لم يعد لديهم خبز أو أي شيء يأكلونه، ودمرت منازلهم وتشردوا تحت القصف وأجبروا على النزوح إلى أماكن ليست آمنة. حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية من أن وقف تمويل الأونروا ستكون له عواقب كارثية على سكان قطاع غزة الذي دمرته الحرب. قال إنه لا يوجد كيان آخر لديه القدرة على تقديم حجم ونطاق المساعدة التي يحتاج إليها ٢،٢ مليون شخص في غزة. وحدها النرويج من الدول الغربية التي أعلنت أنها ستستمر بالتمويل. الولايات المتحدة هي الممول الأول للوكالة ب ٣٤٣ مليون دولار في ٢٠٢٢ تتبعها ألمانيا والاتحاد الأوروبي حيث دفعا ١١٤ مليون دولار في ٢٠٢٢ و١٠٥ ملايين دولار. موازنة الأونروا تمول مهمتها وهي تقديم المساعدات الصحية والتعليم ورواتب موظفي الوكالة ومساعدة الفقراء من اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان وسوريا والأردن. قيمت الوكالة مستوى التمويل الذي تحتاج إليه لمواجهة الكارثة الإنسانية في غزة ب٤٨١ مليون دولار وكانت حصلت حتى الآن على ٢٨٤ مليون دولار. تواجه الوكالة حاليًا نقصًا كبيرًا في التمويل خصوصًا أن الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب كانت أوقفت التمويل في ٢٠١٨ وانسحبت منها. لكن السعودية وقطر والإمارات وألمانيا أنقذت الأونروا عندما انسحبت واشنطن. تعاني الأونروا منذ عدة سنوات من نقص في تمويلها. وقد تهجم رئيس حكومة اسرائيل على هذه الوكالة الفاعلة والضرورية للاجئين وقال إنه يريد طردها من غزة وطالب لازاريني بالاستقالة. فلا شك أن من يقوم بأعمال إبادة في غزة يريد التخلص من هذه الوكالة الإنسانية التي لو لم تكن موجودة لكانت حياة اللاجئين الفلسطينيين أكثر صعوبة مما هي عليه حاليًا في هذه الدول التي تعمل فيها الأونروا وفي غزة. دمرت القنابل الإسرائيلية مركزًا للأونروا في غزة واستهدف القصف الإسرائيلي كل ما أنجزته في غزة من مدارس إلى أماكن اللجوء. نتنياهو والشلة اليمينية في حكومته يريدون تسلم غزة بعد الحرب على أن تحكمها القوات الإسرائيلية. حتى الآن ترفض الإدارة الأمريكية هذا التوجه لكن لا أحد يعرف إذا وصل ترامب إلى الرئاسة واستمر نتنياهو في حربه فسيغيب أدنى رادع لسياسة إسرائيل القاتلة للفلسطينيين. قرر أخيرًا الرئيس الأمريكي جو بايدن اتخاذ عقوبات ضد أربعة مستوطنين إسرائيليين فقط لاستخدامهم العنف ضد الفلسطينيين لاستقطاب ناخبيه العرب الأمريكيين في ميشيغان. كم كان محبذا لو كان بايدن مع حلفائه الأوروبيين طبقوا العقوبات على جميع المستوطنين لأنهم يخرقون مواقفهم المعلنة بالادعاء أنهم ضد الاستيطان. إن إبقاء وضع الفلسطينيين على ما هو عليه، وحرمانهم من تمويل الأونروا وترك مصيرهم في يد نتنياهو وشلته تهديد لمستقبل المنطقة. فالحرب الإسرائيلية لم تنه حماس مثلما كان هدف نتنياهو ولم تعد الرهائن حتى الآن وهي قد تنشئ أجيالًا فلسطينية يريدون الانتقام لأهلهم وعائلاتهم. إن معاقبة الأونروا التي لديها أكثر من ٢٨٠٠٠ موظف بسبب ١٢ منهم لم يثبت عليهم بعد أي إدانة غير مقبول. الأونروا وكالة إنسانية تستحق نوبل لعنايتها بأكثر من ٥ ملايين لاجئ فلسطيني سلبت إسرائيل أرضهم وما زالت مستمرة.
صحفية لبنانية