ضوء أخضر.. الإنسانُ جوهرُ العمليّة التعليميّة
لا يُمكن أن ننظرَ إلى ما حققه «الذكاء الاصطناعي»، إلا بوصفه نقطة تحوّل كُبرى في مسيرة تقدّم البشريّة، وانتقالها من طورٍ إلى آخر، باعتبار أن الإنسان كان وما زال، يتمتع بالإبداع والقدرة على التفكير والكتابة واللغة ومُمارسة الفن وغيرها من الأنشطة والتفاعلات، التي ميزته عن غيره من الكائنات على سطح الأرض، إلى أن جاءت تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتُضيفَ دورًا جديدًا لها، يُزاحم هذه المهن وتلك الوظائف.
ولقد ناقش عددٌ من الخبراء خلال «المؤتمر الدولي لتطوير التعليم» الذي كنت من ضمن المُشاركين فيه الأسبوع الماضي بدولة الإمارات العربية المُتحدة، ضرورة تكامل العقل البشري والذكاء الاصطناعي في العملية التعليميّة، باعتبار أن التكنولوجيا ليست مُتطوّرةً بما يكفي لتحلَّ محل البشر، ولا يمكن الوصول بالذكاء الاصطناعي إلى مُستوى العقل البشري، خصوصًا فيما يتعلق بتحسين جودة التعليم وتحقيق أهدافه بفاعلية.
وتطرقَ «المؤتمر الدولي لتطوير التعليم» الذي عُقد يومي «2 و3» فبراير بفندق اسيانا جراند دبي، إلى تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، التي أبرزها التحديات التي يتعرّض لها المُعلمون في مواكبة عصر الذكاء الاصطناعي، الذي يفتقر للمشاعر والأحاسيس ولغة الإشارة الجسدية جميعها في آن واحد، كما تفتقد بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي لوجود هذه المساحة الاجتماعيّة النفسيّة التواصليّة، وغيرها من التحديات.
وسواء أحببنا ذلك أم لا، ستُصبح تقنية الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من حياتنا، وبالتالي ستتغيّر الطريقة التي نعمل ونتعلم ونتواصل بها، ومع ذلك، كان هناك من يؤيد ومن يُعارض هذه التقنية، فالفريق المؤيد للذكاء الاصطناعي يرسم صورةً للتقدّم التكنولوجي الشامل الذي يتجاوز المفهوم الحالي والتطوّرات التي يمكن أن توفّر العديدَ من الفوائد غير العادية للمُجتمع البشري، أما الفريق الآخر من مُعارضي الذكاء الاصطناعي، فكان تركيزهم على خطر إلغاء الوظيفة، وزيادة فرص الغش باستخدام «Chat-GPT»، ومع ذلك، فلا الذين يدعمون الذكاء الاصطناعي ولا الذين يُعارضونه مُحقون أو مُخطئون تمامًا.
وعلى كل حالٍ، من واجبنا في هذه المرحلة توعية طلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية حول الذكاء الاصطناعي ومُستقبله المُتطوّر، وذلك من أجل تحفيز هذا الجيل على المضي قُدُمًا نحو عالم التقنيات المُتقدّمة، وفتح الآفاق أمامهم، ولقد أصبح للذكاء الاصطناعي بالفعل موطئ قدم داخل مدارسنا، وبالتالي، من الضروري للمدارس استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة توفّر لكل من المُعلمين والطلاب مزيدًا من الدعم مع العمل على الحدّ من الآثار السلبية، فعلى الرغم من المزايا المُرتبطة بدمج الذكاء الاصطناعي في التعليم، هناك أيضًا العديد من التحديات، التي تحتاج إلى ورش عمل ومؤتمرات محلية وإقليمية ودولية لمُناقشتها بالشكل الذي يهدف إلى تطوير أنظمة بيئة التعليم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي، بما يتناسب مع مُقتضيات عصر التحوّل الرقْمي، وصياغة توجهات الرؤية العصريّة لتعليم المُستقبل.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر