من منا من لم تدغدغ مشاعرَه الأمنيات والطموحات بغد أفضل، وحظ أجمل، وأمور ميسرة، في خضم كل هذه المشاعر قد ينسى البعض -أو يتناسى- الطرق الطبيعية المُوصلة لتحقيق هذه الأمنيات، فيبني قصورًا في الهواء ضاربًا بعرض الحائط ما يعيشه من تحديات واقعية، يحتاج أن يقف مع نفسه ليستوعبها ويدركها، للتمكن من التغلب عليها أو التعايش معها بقناعة تبعث في نفسه مشاعر الطمأنينة والاستقرار، والرضا بعطاء الرحمن

ما يحدث على أرض الواقع من تخلخل قيمي ديني وأخلاقي وسلوكي يتنافى مع تعاليم وأخلاقيات ديننا الإسلامي الحنيف.

ما الذي يدفع المرء للسير في دروب الفساد من غش ونصب وخداع وتلاعب بعقول الآخرين بتلفيق الأكاذيب والأقوال المضللة، ظنًا بأنها أقصر الطرق الموصله لما يريد تحقيقه على أرض الواقع من سلطة ينال من خلالها احترام الآخرين.

نعيش واقعًا يتنصل فيه البعضُ من التزاماتهم ومسؤولياتهم المهنية.

بتجاهل بعض المسؤولين -على اختلاف وظائفهم المهنية- أهمية الأمانة الملقاة على عواتقهم، والمساءلين عنها أمام رب العالمين، وعن مدى التزامهم بقيم العدالة والموضوعية والمصداقية في تعاملاتهم مع مرؤوسيهم، فتطغى على سلوكياتهم وتعاملاتهم صفة الغرور والعنجهية، لتعاملهم بفوقية مقيتة ظانين بأنه لا سلطة تعلو فوق سلطاتهم، فيصبح الظلم والتسلط هو ديدنهم في تعاملهم مع من حولهم، وقد تنتقل عدوى هذه السلوكيات السلبية إلى العاملين معهم ممن يشغلون وظائف خدمية يتعاملون من خلالها مع الجمهور.

أصحاب مثل هذه السلوكيات غير السوية في مجتمعاتنا في حاجة لنصح وإرشاد من قبل المحيطين بهم أيًا كانت مسؤولياتهم المهنية وأدوارهم الوظيفية، لما لذلك من انعكاسات سلبية مؤثرة على التعاملات والخدمات المجتمعية.

الأحرى بالمدراء من المؤتمنين بحكم مسؤولياتهم على مصالح الناس، أن ينزلوا لأرض الواقع للتأكد من حسن سير الأمور من خلال المتابعة الجادة الواعية المستمرة، للعاملين أيًا كانت اختصاصاتهم ومهامهم ليطمئنوا على حسن سير الأمور، لا أن يكتفوا بالتقارير المُنمقة، والدراسات النظرية البعيدة عن الواقع، وأن يضعوا نصب أعينهم أن المناصب لا تدوم طويلًا، قد يبرر البعض بأن مشاغل المدير ومسؤولياته قد تحد من قيامه بعملية المتابعة المستمرة، حتى وإن صعب عليه ذلك أن يحسن اختيار كفاءات العاملين معه ولا يغفل عن متابعتهم، وألا يكتفي برأي المستشارين المُنظِّرين ظنًا منه بأنهم أفضل الناصحين، ولنا في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران ١١٨.

 

[email protected]