نافذة على الإبداع.. مسارح باريس تحتفل بالثنائي المسرحي رومانيسكو ومانوليسكو
ربما لأن المسرح هو أبو الفنون المعروفة القديمة والحديثة .. لذا فإن الحركة الثقافية في أي إقليم تقاس بالنهضة المسرحية على وجه التحديد وهذا ما تقوم به بعض الدول الغربية إنقاذًا لموقف الثقافة المتردي، وشيوع حالة الانجذاب إلى منصات التواصل الاجتماعي التي لن تكون بأي حال من الأحوال بديلًا للفنون الراقية المعروفة، لذا تقوم العاصمة باريس بترتيب العديد من الفعاليات التي من شأنها أن ترتفع بالمُتلقي، لتعيده لحالة الوعي والتنوير الحقيقي، ومن ثم تقدم المؤسسات الثقافية فعاليات العودة إلى ينابيع الثقافة، وتكرم فيها عتاة المسرح الفرنسي والمسرح العالمي، سواء كانوا فرنسيين أو من جنسيات أخرى، كان لهم دور في النهضة المسرحية الباريسية، ومن بينهم الثنائي الشهير أريستيزا رومانيسكو و جريجور مانوليسكو، وهما ثنائي روماني دَرَسا في باريس، في أواخر القرن ال18 وكانا ضمن الجيل الذي شارك في إثراء الحركة المسرحية الباريسية، في فترة «البيلي بوك» أو مايُعرف بالعصر الذهبي في باريس.
وُلدت الممثلة المسرحية الكبيرة أريستيزا رومانيسكو في كرايوفا برومانيا عام 1854 وكانت من أسرة فنية عريقة، فوالداها مُمثلان مشهوران، بعد أن خاضت تجاربها المسرحية الأولى في كرايوفا سافرت في بعثة إلى باريس، شاركها فيها جريجور مانوليسكو، وأثناء دراستها قامت بأدوار عديده على خشبات مسارح باريس أمام ممثلين كبار مثل سارة برنار، كما شاركت في تطوير الأداء المسرحي بأسلوبها الرقيق، والمعبر حتى أطلقوا عليها أميرة التراجيديا بالرغم من حداثة عمرها، وفي باريس تزوجت رفيقها في البعثة مانوليسكو، الذي أصبح فيما بعد أهم فنان في الحركة المسرحية الرومانية، كما شارك في الحراك المسرحي في باريس أثناء دراسته، وقام بأدوار أولى في كبرى المسارح مثل الكوميدي فرانسيز، والأوبرا كوميك، لكنه بعد عودته إلى رومانيا -وبعد فترة أشعل فيها الحركة المسرحية في بوخاريست- أصيب بمرض عضال، وعاد للعلاج في باريس ومات هناك في سن 36 عامًا.
قامت أريستيزا بأدوار عديدة سواء في باريس أو في رومانيا على خشبة المسرح الوطني في بوخارست، فقدمت من المسرح الشكسبيري أدوار: جولييت، وديدمونة، وعطيل، وليدي ماكبيث، وقدمت من المسرح الفرنسي عدة أعمال لموليير، لكن يظل أهم أدوارها دورها في العمل الملحمي (روما المهزومة) التي كتبها الكاتب الفرنسي الإيطالي الكبير دومينيك بارودي وتحولت فيما بعد إلى أوبرا لحَّنها ماسينيه.
كانت أريستيزا وزوجها دُرَّتين في المسار المسرحي الباريسي والروماني ما خلد ذكرَهما في باريس فهناك منحوتة تذكارية بارزة لهما فوق المبنى الذي عاشا فيه في باريس (مبنى تيموتيل هوتيل) وتُقدم خمسةٌ من مسارح الجيب الباريسية الشهر القادم أهم أعمالهما مع إصدار نشرة نقدية مسرحية من 250 صفحة، تتضمن إسهامات أريستيزا ومانوليسكو في المسرح وتشترك في الفعاليات بعض المؤسسات الرومانية.