الدوحة-قنا:
كشفت متاحف قطر عن تفاصيل جديدة لموقع ومبنى متحف لوسيل، الذي يعد مؤسسة عالمية المستوى متخصصة في الفنون، وتضم مركزًا دوليًا للفكر والبحث.
ويجسد تصميم المُتحف رسالة التلاقي والحوار في مبنى أنشئ ليكون «سوقًا تقليدية ذات توسُّع رأسي، أو مدينة مُصغرة داخل مبنى واحد»، وسيشكلُ المتحف المحور الثقافي لمدينة لوسيل.
وسيقامُ متحف لوسيل على الطرف الجنوبي لجزيرة المها، ليكون مَعلمًا بارزًا في الجزيرة. ويأخذ مخطط المتحف شكل دائرة، تنقل طابعًا عالميًا ولمسة خاصة من تقاليد البناء في الشرق الأوسط عامة وقطر خاصة، وتكوِّن ثلاثةُ أشكال كروية حجمَ المبنى وتقسمه إلى جزأين متميزين: أحدهما شبيه بالبدر والآخر بهلال يلتف حوله. وترسم الانحناءات المزدوجة الناتجة عن الكرات فضاءً داخليًا مُميزًا على شكل هلال مُضاء بشكل طبيعي من الأعلى، ويعمل كطريق رئيسية تربط مداخل المتحف بالبهو المركزي وأماكن الخدمات العامة الأخرى مثل المكتبة، وقاعة المُحاضرات، والمتجر، والمقهى، والمُصلى.
أما مظهرُ المبنى الخارجي فيأخذ مَلمسًا خشنًا ترابيًا، يشبه الرمل، ومتينًا نظرًا لموقعه الساحلي، فيبدو وكأنه جزء لا يتجزأ من الأرض التي سيقام عليها، ويدخل الضوء إلى المساحات الداخلية من نوافذ مظللة وغائرة في واجهة المبنى، تحميها من أشعة الشمس المباشرة وتُبقي مشهدَ البحر ومدينة لوسيل المحيطيْن بالمتحف واضحًا، ومن شأن مشاريع التعاون مع الحرفيين المحليين والإقليميين أن تُحيي الروابط مع تقنيات البناء التقليدية المحلية، وتعزز الحفاظ على المهن التقليدية وتعزيز التبادل الثقافي.
بينما تأتي الفضاءات التي أدرجت كعناصر نقيضة، بمقياس ونوعية مُختلفين، إثراء لتجارب الزوار الحسية وسط مشهد المبنى القوي، وهناك درج مركزي من الجبس المصقول، ومُصلى بجدران معدنية عاكسة للضوء، ومكتبة بألواح خشبية، وقاعة للمؤتمرات، وفتحات في الجُدران.
ويختلفُ شكل الفضاءات وحجمها في طوابق صالات العرض باختلاف موقعها، لكنها صُممت بمرونة لتستوعب مُختلف أنواع المعارض، وقد أدرجت نسخ طبق الأصل لأربعة عناصر معمارية من مبان تاريخية مهمة في الطابق العلوي لصالات العرض كمساحات أساسية، والمباني هي: القبة التي تغطي جناح غرفة نوم مراد الثالث في قصر توبكابي في إسطنبول (1579) وقبة المسجد الجامع في نطنز (1320)، وقبة نافورة الوضوء في صحن مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة (1296)، وقبة قصر الجعفرية في سَرَقُسطة (1050)، وهي أربع قباب ذات هندسة وزخارف فريدة من تراث كل منطقة جغرافية على حِدة، فالمثلثات الكروية، والأقواس المتقاطعة، والمقرنصات، والحنايا الركنية، هي المعالم الهندسية التي تميز بين أنواع القباب المُختارة، وقد استخدمت هنا للخروج عن الشكل التقليدي لصالات العرض، وتهيئة أساس لصياغة محتوى المعارض والمواد التعليمية، وتقديم تجربة غير متوقعة لهذا الفضاء. أما القبة فجرى اختيارها لتكون نموذجًا معماريًا لكل من هذه الفضاءات الأربعة الأساسية، والتي يعد كل فضاء منها عالميًا وخاصًا في الوقت نفسه، عالميًا لأن القباب ظهرت عبر الثقافات على مر العصور، وخاصًا لأن شكل القبة «المثالي» قد تطور وتأثر بالعوامل الجغرافية والثقافية المحلية من حوله.
ويستكشف متحف لوسيل، بفضل مجموعته منقطعة النظير من الفن الاستشراقي، انتقال الأشخاص والأفكار في جميع أنحاء العالم، في الماضي والحاضر، ما يساعد على تبديد الانقسامات الحاصلة في العالم، عبر الحوار والفن والابتكار، كما سيتيح المُتحف، بمشاركة نخبة من الباحثين، والفنانين، فرصًا لمستوى عال من التباحث، والنقاش والحوار والوساطة بشأن القضايا العالمية المُهمة.