ضوء أخضر.. انعدام العدالة الغذائية
لا شك أن الحق في الغذاء حق من حقوق الإنسان، وليس مجرد سلعة يتم المتاجرة بها، فالتحرر من الجوع حق أساسي لكل إنسان، ويهدف هذا الحق إلى القضاء على الجوع وسوء التغذية، لأنه حق قائم بذاته معترف به في القانون الدولي، وفي مجموعة من الدساتير المحلية، ويفرض على الدول التزامات باحترام وحماية وإعمال الحق في الغذاء الكافي. ولقد كنت الأسبوع الماضي من ضمن الحاضرين للمؤتمر الدولي حول: «العدالة الغذائية من منظور حقوق الإنسان»، حيث تطرق الخبراء الدوليون المعنيون بحقوق الإنسان وسياسات الغذاء العالمية إلى أهمية اتخاذ تدابير عاجلة لسلسلة من الإمدادات المرنة لتوصيل الغذاء للمتضررين في كل أنحاء العالم، مشيرين إلى ضرورة الاتفاق على آليات موحدة ومنهجية لتوصيل المساعدات الإنسانية وإمدادات الغذاء الكافي في أماكن الحروب والنزاعات للأشخاص الذين يشهدون معاناة شديدة ستودي بهم إلى التجويع والتشريد وفقدان حقوقهم الإنسانية.
وينعقد المؤتمر الذي اختتم أعماله بالدوحة الأسبوع الماضي، في ظل أزمات عصيبة تمر بها المنطقة والعالم من حروب ونزاعات وما يعانيه معظم السكان وخاصة النساء والأطفال من انعدام العدالة الغذائية، فهناك العديد من التوصيات التي تؤكد ضرورة رفع الوعي بأهمية العدالة الغذائية للمحرومين بسبب الأزمات والصراعات وعدم جعلهم ضحية من ضحايا الحروب وخصوصًا الأطفال والنساء، في وقت تشير فيه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى عدد من السكان الذين يعانون في هذه المرحلة من انعدام الأمن الغذائي.
ويعدّ انعدام الأمن الغذائي الحادّ أحد أقصى درجات الجوع، لكن حتى انعدام الأمن الغذائي المتوسّط يعد مصدرًا من مصادر القلق، بالنسبة لأولئك الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي المتوسّط، يكون الحصول على الغذاء غير مؤكد، وقد يضطرون إلى التضحية بالاحتياجات الأساسية الأخرى، لا لشيء إلا لكي يتمكنوا من تناول الطعام، وعندما يأكلون، قد يكون كل ما هو متاح بسهولة أو ما هو أرخص، وقد لا يكون من أكثر المواد المغذية.
لذلك قد يواجه الأطفال الذين يعانون من الجوع وانعدام الأمن الغذائي وضعف التغذية اليوم في أماكن الحروب والنزاعات، خطرًا أكبر من زيادة الوزن والسمنة، والأمراض المزمنة، مثل مرض السكري في وقت لاحق من العمر، وربما لا يكون الكثير من الناس «جائعين» بمعنى أنهم يعانون من عدم الراحة الجسدية بسبب النقص الحاد في الطاقة الغذائية، إلا أنهم قد يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فقد يحصلون على الغذاء لتلبية احتياجاتهم من الطاقة، لكنهم غير متأكدين من أن ذلك سيستمر، أو قد يضطرون إلى خفض جودة أو كمية أغذيتهم من أجل الحصول على الطعام، من شأن هذا المستوى المتوسّط من انعدام الأمن الغذائي، أن يساهم مع مرور الوقت في أشكال مختلفة من سوء التغذية، ويمكن أن تكون له عواقب وخيمة على الصحة والرفاه.
والله ولي التوفيق،،،
أستاذ الهيدروجيولوجيا والبيئة بجامعة قطر