أخبار عربية
زيارة الرئيس بول كاغامي دفعة جديدة للعلاقات المتنامية

قطر ورواندا.. شراكة استراتيجية

تعاون وتضامن تجاه قضايا إفريقيا والعالم

اتفاقيات تغطي المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية

الرئيس بول كاغامي: مسار التنمية في قطر مثال يحتذى به

الدوحة-قنا:

تنتهج دولة قطر سياسة الانفتاح والتعاون والمشاركة مع مختلف الدول والشعوب الشقيقة والصديقة، وفي مقدمتها الدول الإفريقية التي ترتبط معها دولة قطر بعلاقات استراتيجية وثيقة قائمة على التعاون المشترك والتضامن، تجاه قضايا القارة والقضايا العالمية، كما تسعى قطر إلى تطوير برامجها الاستثمارية خدمة للمصالح المشتركة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة بشكل عام.

وعلى الرغم من حداثة العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر وجمهورية رواندا، فإن الزيارات المتبادلة على مستوى قيادتي البلدين لم تنقطع، بل شهدت ازديادًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، وانسجامًا مع هذا التوجه، وفي سياق العلاقات المتينة والمتميزة التي تربط الدولتين وشعبيهما الصديقين، تأتي زيارة فخامة الرئيس بول كاغامي رئيس جمهورية رواندا الصديقة للدوحة، حيث استقبل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فخامة الرئيس بول كاغامي رئيس جمهورية رواندا الصديقة، وذلك بمكتبه في قصر لوسيل أمس.

وجرى خلال المقابلة بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل تطويرها وتعزيزها في مختلف مجالات التعاون، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتعد دولة قطر شريكًا استراتيجيًا لجمهورية رواندا، وتشهد العلاقات بين البلدين نموًا مطردًا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 2017م، فمنذ ذلك الحين يجتمع قادة البلدين بانتظام، وقد ساهمت الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى بين الجانبين في دفع التعاون المشترك في العديد من المجالات الحيوية، وتعزيز الشراكة بين البلدين، وفي هذا السياق زار حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، رواندا في أبريل من عام 2019، وفي يونيو من عام 2022 للمشاركة في الاجتماع السادس والعشرين لرؤساء حكومات الكومنولث، الذي عقد بمدينة كيغالي، بينما قام فخامة الرئيس الرواندي بزيارات متعددة للدوحة خلال مارس 2023 وفبراير 2022، وأكتوبر 2021، وأكتوبر 2019، وديسمبر 2019، ونوفمبر 2018.

علاقات طموحة

وتوصف العلاقات القطرية الرواندية بأنها علاقات طموحة وواعدة، وتعكس عزم الجانبين على تعزيزها وتطويرها بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الصديقين، حيث تعمل الدولتان بشكل متواصل على بناء شراكة نموذجية بينهما، وتتعاونان بشأن الكثير من القضايا لخدمة مصالحهما ومصالح الآخرين.

وكان فخامة الرئيس بول كاغامي قد أكد أهمية الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين بلاده ودولة قطر، خاصة أن منطقة الخليج العربي تحقق النمو وتزخر بالعديد من الفرص المهمة، مشيرًا إلى ضرورة الاستثمار في تحقيق النمو الاقتصادي.

وقال فخامته خلال جلسة نقاشية ضمن أعمال منتدى قطر الاقتصادي 2023، بالتعاون مع بلومبيرغ، الذي عقد بالدوحة في مايو الماضي: إنه ليس هناك دولة قادرة على تحقيق النمو الاقتصادي وحدها، لا سيما دولة صغيرة مثل جمهورية رواندا، مشيرًا إلى ضرورة بناء الشراكات مع الرياديين في السوق.

ولفت فخامته إلى أنه تم الانتهاء من المفاوضات والانتقال لمرحلة تطبيق ما جرى الاتفاق على تنفيذه مع دولة قطر، مشيرًا إلى أن بلاده مستمرة في بناء الشراكات مع الخطوط الجوية القطرية، كما يجري العمل على بناء مطار كيغالي، الذي بلغت نسبة الإنجاز فيه أكثر من سبعين بالمئة.

اتفاقيات ومذكرات

ويرتبط البلدان بمجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تغطي المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والزراعية والثقافية والرياضية، وقطاعات الاستثمار والتعاون في مجال الطيران، وتجنب الازدواج الضريبي، كما وقعت الدولتان اتفاقية استحواذ على 60 بالمئة من أسهم مطار «‏‏بوجيسيرا»‏‏ الرواندي، ووقعت الخطوط الجوية القطرية اتفاقيتين مع شركة النقل الجوي للسياحة الرواندية، واتفاقية مع هيئة الطيران والخدمات اللوجستية بجمهورية رواندا، وهناك مذكرة تفاهم للتعاون الدفاعي بين البلدين، وفي نوفمبر الماضي وقعت دولة قطر، ممثلة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مذكرة تفاهم في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع جمهورية رواندا.

وجاءت هذه المذكرة، خلال زيارة رسمية لوفد من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى العاصمة الرواندية كيغالي، ضمن جهود دولة قطر لتعزيز التعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع القارة الإفريقية.

وفي ديسمبر الماضي، وعلى هامش اجتماعات المؤتمر الدولي لمفاوضات النقل الجوي «‏‏إيكان 2023»‏‏، في العاصمة السعودية الرياض، عقدت مباحثات ثنائية بين سلطات الطيران المدني لكل من دولة قطر وجمهورية رواندا، أفضت إلى نتائج إيجابية، تمثلت بالتوقيع على مذكرة تفاهم، تسمح لشركات الطيران المعنية في البلدين بالدخول في اتفاقيات التعاون التجاري المشترك.

كما وقعت شركة حصاد القطرية، التي تستثمر في القطاع الغذائي، مذكرة تفاهم مع الحكومة الرواندية، تهدف لتوفير فرص التعاون بين الجانبين، ودراسة الفرص الاستثمارية في المجال الزراعي والغذائي، ووقع مركز قطر للمال مذكرة تفاهم مع وكالة «رواندا فاينانس ليمتد» لإطلاق مبادرات مشتركة، تساهم في تعزيز نمو أعمال مركز قطر للمال، ومركز «كيغالي المالي الدولي» وتوسعها دوليًا، بالإضافة إلى اتفاقية تمكن المسافرين على الخطوط الجوية الرواندية والخطوط الجوية القطرية من الوصول إلى أكثر من 160 وجهة في الشبكات المشتركة من كيغالي والدوحة.

مسار التنمية

وقد أعرب فخامة الرئيس بول كاغامي، في تصريحات سابقة، عن رغبة بلاده في تعزيز علاقاتها وشراكتها الاقتصادية مع دولة قطر، مؤكدًا أن مسار التنمية في قطر يعتبر مثالًا يُحتذى به. وقال: إن هناك فرصة كبيرة لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بين قطر وبلاده، باعتبارها واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في إفريقيا حيث تقدم رواندا نظامًا استثماريًا مزدهرًا ومستقرًا في صناعات مثل: المنسوجات، والملابس، والجلود، والزراعة، والثروة الحيوانية، والصناعة، والسياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والأدوية، فضلًا عما يوفره قطاع الخدمات من مساهمة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي، كما أكد أن بلاده تتمتع بالكثير من المزايا الجاذبة للاستثمار، ولكن وجب عليها أن تعتمد على نفسها لتحقق ما تطمح إليه، وذلك من خلال تغيير طريقة التفكير والعمل الجاد والدؤوب.

قصة نجاح

وتقع رواندا وسط القارة الإفريقية إلى الجنوب من الدائرة الاستوائية ضمن نطاق هضبة البحيرات، وهي دولة داخلية لا سواحل لها، وتتصل بالعالم الخارجي عن طريق جاراتها، وخاصة عبر ميناءي دار السلام بتنزانيا ومومباسا في كينيا، وتزيد مساحتها على ستة وعشرين ألف كيلو متر مربع، ويقدر عدد سكانها باثني عشر مليونًا، يعيش 83 بالمئة منهم بالمناطق الريفية.

وقد شهدت رواندا في أوائل تسعينيات القرن الماضي واحدة من أكثر الاشتباكات العرقية دموية في التاريخ، لكنها استطاعت النهوض والوقوف على قدميها من جديد لبناء دولة موحدة مزدهرة، مفعمة بالأمل والنجاح والتنافسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

وتعتبر قصة نجاح رواندا أحد الأمثلة المشرقة على قدرة الإنسان على التغيير والتحول، حيث استطاعت هذه الدولة الصغيرة والفقيرة في إفريقيا أن تحقق إنجازات كبيرة في مجالات عدة، بدءًا من تحقيق الاستقرار السياسي والأمني، وصولًا إلى تحويل اقتصادها من الزراعي التقليدي إلى اقتصاد المعرفة المعتمد على التكنولوجيا والخدمات، وتشجيع الاستثمارات الخارجية، وقد خففت القيود أمام الاستثمار الأجنبي، وخصصت حوافز للمستثمرين الأجانب، وفتحت أمامهم جميع القطاعات.

وتضاهي شوارع العاصمة الرواندية كيغالي، بنظافتها وتنظيمها وتطورها، معظم شوارع العواصم الأوروبية، ولا تخفى عن عين الزائر معالم الطفرة الاقتصادية التي تشهدها تلك البلاد، التي يعني اسمها «أرض الألف تل، كما تستقطب رواندا السياح من مختلف أنحاء العالم لما تتمتع به من حياة طبيعية وبرية نادرة وخلابة».

العلامات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X