الدوحة – قنا:
تطور مستمر تشهده العلاقات بين دولة قطر وجمهورية كازاخستان في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية، ما جعل دولة قطر من أهم شركاء كازاخستان في الشرق الأوسط.
وتأتي زيارة الدولة التي يقوم بها فخامة الرئيس قاسم جومارت توكاييف رئيس جمهورية كازاخستان الصديقة إلى دولة قطر، لتمثل محطة جديدة على طريق تطور العلاقات التاريخية المتميزة التي تربط بين البلدين الصديقين وتنطلق بها إلى آفاق أرحب، لا سيما وأن دولة قطر تنظر إلى كازاخستان باعتبارها شريكا استراتيجيا واعدا، في ظل ما يتمتع به البلدان من مقومات اقتصادية مهمة تمكنهما من تعزيز علاقات التعاون والشراكة في مختلف القطاعات.
ومن المقرر أن يبحث حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى مع فخامة الرئيس قاسم جومارت توكاييف العلاقات المتميزة بين البلدين وآفاق تطويرها وتعزيزها في مختلف المجالات، بما يحقق مصالح البلدين وشعبيهما الصديقين، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول أبرز القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتؤكد زيارة فخامة رئيس كازاخستان للبلاد عمق العلاقات بين قيادتي الدولتين وحرصهما الدائم على الانتقال بالعلاقات الثنائية إلى آفاق واعدة من التعاون والشراكة، من خلال فتح الأبواب أمام زيادة حجم التبادل التجاري وإقامة المزيد من المشاريع الاستثمارية المشتركة في كل القطاعات، للوصول إلى المستوى المنشود، بما يخدم آمال وطموحات البلدين الصديقين.
تأسست العلاقات الدبلوماسية بين دولة قطر وجمهورية كازاخستان في الأول من يوليو عام 1993، وافتتحت دولة سفارتها في /أستانا/ في مايو عام 2008، بينما افتتحت كازاخستان سفارتها في الدوحة في مايو 2007، واحتفل البلدان العام الماضي بمرور ثلاثين عاما على إقامة علاقاتهما الدبلوماسية.
وتعززت العلاقات القطرية الكازاخية من خلال سلسلة من الزيارات المتبادلة على أرفع المستويات بين البلدين، حيث قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بثلاث زيارات إلى كازاخستان، كانت الأولى في يناير عام 2014، باعتبارها أول زيارة رسمية لسموه، كما قام سمو الأمير المفدى، حفظه الله، بزيارة دولة إلى كازاخستان في أكتوبر 2022 والتي شارك خلالها في النسخة السادسة من قمة مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا (سيكا)، تلبية لدعوة كريمة من فخامة رئيس كازاخستان.
وتقديرا للمكانة المرموقة التي يحظى بها حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى لدى جمهورية كازاخستان قيادة وشعبا، وتعبيرا عن الاعتزاز بالعلاقات الوطيدة بين البلدين وشعبيهما الصديقين، منح سمو الأمير المفدى خلال الزيارة من فخامة الرئيس قاسم جومارت توكاييف وسام النسر الذهبي الكازاخي /ألتين قيران/، وهو أعلى وسام في جمهورية كازاخستان يمنح لرؤساء الدول الصديقة، كما قام سمو الأمير المفدى بزيارة كازاخستان في يونيو من العام الماضي، وشارك خلالها في منتدى أستانا الدولي.
من جانبه، قام فخامة الرئيس قاسم جومارت توكاييف رئيس جمهورية كازاخستان بزيارة الدوحة في يونيو 2022 للمشاركة في منتدى قطر الاقتصادي، كما قام فخامة الرئيس نور سلطان نزارباييف رئيس كازاخستان السابق بزيارة لدولة قطر في أكتوبر 2015، فضلا عن أن صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني كان أول قائد عربي يزور /أستانا/ بعد اختيارها عاصمة لكازاخستان في أبريل عام 1999.
وتنظم العلاقات القطرية الكازاخية مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التعاون في العديد من المجالات، منها اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، بالإضافة إلى مذكرات التفاهم للتعاون في مجال التجارة ومجال الصحة العامة، وتأهيل الكوادر الدبلوماسية بين البلدين.
وطوال ثلاثة عقود من العلاقات الوطيدة بين قطر وكازاخستان، شهد البلدان مراحل ومحطات متلاحقة من التعاون، كان أبرزها تأسيس اللجنة العليا القطرية الكازاخية المشتركة التي عقدت ست دورات متعاقبة، كان آخرها في الدوحة في أكتوبر الماضي، واتفق الجانبان خلالها على اتخاذ الخطوات اللازمة للمضي قدما نحو تعزيز التعاون التجاري والاستثماري والصناعي، بهدف زيادة حجم التبادل التجاري، وتيسير تدفق السلع والخدمات والاستثمارات بين البلدين.
وتتمتع دولة قطر وجمهورية كازاخستان بموقع جغرافي متميز وبيئة أعمال جاذبة للاستثمارات، وهو ما تؤكده العديد من تقارير وكالات التصنيف العالمية والمحلية، الأمر الذي يتيح لرجال الأعمال في البلدين الفرصة لتعزيز التعاون في مجالات مختلفة، لا سيما الزراعة وإمدادات الأمن الغذائي والتعليم والرعاية الصحية والطاقة والطاقة المتجددة والتعدين وغيرها من المجالات الحيوية.
ويولي المستثمرون القطريون الاستثمار في كازاخستان أهمية كبيرة، باعتبارها وجهة واعدة للاستثمارات الأجنبية، لما يتوفر فيها من فرص واسعة للاستثمار، كما أن غرفة قطر تشجع رجال الأعمال القطريين على استكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة في هذا البلد الواعد، كما تدرس مجموعة من الشركات القطرية إمكانية المشاركة في برنامج الخصخصة في كازاخستان، والاستفادة من المشاريع الاستثمارية المطروحة في قطاع الزراعة وصناعة التعدين والبتروكيماويات، وتطوير البنية التحتية السياحية، وتربية الماشية، وإنتاج الألبان، وغيرها من المشاريع الحيوية.
وتتطلع كازاخستان للاستفادة مما تمتلكه دولة قطر من خبرات كبيرة، لا سيما في مجالي إنتاج الغاز الطبيعي المسال والبتروكيماويات، إذ تعد قطر من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، كما تقوم كازاخستان باتخاذ العديد من الإجراءات التي تخدم تعزيز التنوع الاقتصادي وحماية الاستثمار الأجنبي، وتسعى لأن تكون مركزا تجاريا وماليا وتعليميا وصحيا وسياحيا، بجانب التميز في مجال الإنتاج الغذائي.
وتعتبر دولة قطر من أوائل دول العالم التي قدمت مساعدات طبية لجمهورية كازاخستان في التصدي لجائحة كورونا /كوفيد-19/، وذلك تنفيذا لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، كما ضخت دولة قطر العديد من الاستثمارات في اقتصاد كازاخستان، لا سيما في مجال البنية التحتية.
كما تعتبر قطر من أكثر الدول تقديما للمساعدات لجمهورية كازاخستان، ومن أبرز المشاريع التي أقامتها هناك افتتاح مدرسة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في شهر سبتمبر عام 2018، ومشروع مستشفى الولادة بمنطقة /ألماتي/ جنوبي كازاخستان، إلى جانب بناء مسجد /نور أستانا/ الذي تمت إعادة تسميته بمسجد /أبو نصر الفارابي/، وهو أحد أكبر المساجد الموجودة في العاصمة الكازاخية، وتم تدشينه عام 2005 بناء على مبادرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني خلال زيارته الأولى إلى جمهورية كازاخستان سنة 1999.
وتشهد الحركة السياحية بين دولة قطر وكازاخستان نموا متواصلا، مع تدشين خط الطيران المباشر بين البلدين من قبل الخطوط الجوية القطرية في شهر نوفمبر من عام 2021، مما ساهم في فتح مجالات أمام الاقتصاد والتجارة بين البلدين مستقبلا.
وتقع كازاخستان في آسيا الوسطى، ويبلغ عدد سكانها نحو تسعة عشر مليون نسمة، وهي تاسع دولة في العالم من حيث المساحة، حيث تبلغ مساحتها الكلية مليونين وسبعمائة وسبعة عشر ألف كيلومتر مربع، وهي الأكبر بين الدول الإسلامية، ويتجاوز طول الحدود المحيطة بها 12 ألف كيلومتر، ولها حدود مع جمهورية روسيا تتجاوز ستة آلاف وثمانمائة كيلومتر، كما أنها ثاني أطول حدود برية في العالم بين دولتين، وتطل تلك الدولة على بحر قزوين بشاطئ يبلغ طوله نحو ألف وتسعمائة كيلومتر، كما تزخر كازاخستان بالأنهار والبحيرات، حيث يبلغ عدد الأنهار فيها أكثر من 8500 نهر والبحيرات 4800 بحيرة.
وتعد كازاخستان مركزا تجاريا هاما باعتبارها أكبر اقتصاد في آسيا الوسطى من حيث الحجم ومعدل دخل الفرد، كما أن لديها موارد معدنية وافرة، كما أن لديها ثاني أكبر احتياطي من اليورانيوم والكروم والرصاص والزنك، ولديها ثالث أكبر احتياطي من المنغنيز، وخامس أكبر احتياطي نحاس، وتصنف ضمن المراكز العشرة الأولى في تصدير الفحم والحديد والذهب، كما تعتبر من أكبر مصدري القمح بالعالم، حيث يزرع القمح في نحو سبعين بالمائة من أراضيها الشمالية، فضلا عن حركة نشطة للتطور بتربية المواشي ولديها الملايين من رؤوس الأغنام.