في عام 2001 أصدرَ الكاتبُ الأمريكي “بيرسيفال إيفريت” رواية “Erasure” أو “محو” التي يطرح فيها موضوعًا مهمًّا ومثيرًا للاهتمام، وكان الموضوعُ حينها حديثَ التوغّل في عالم الأدب الروائي الأمريكي.
بالطبع، قرأنا كثيرًا في كتب التاريخ والروايات عن قصص السود والعنصرية في المجتمع الأمريكي، وشاهدنا مئات الأفلام، ولا أحد يُنكر الظُلم الذي واجهه السود من البيض المُستبدّين الذين يعتبرون أنفسهم سادة العالم منذ قديم الزمان.
ولكن، مع مرور السنوات ووصولًا إلى اليوم، أصبحت أمريكا في حالة يُرثى لها إعلاميًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا، مع هيمنة الأفكار العفِنة وبث أجندات الأقلّيات العرقية والنسوية والشذوذ، التي توغّلت بشكل كبير في الأفلام والمسلسلات.
الرواية التي كتبها “بيرسيفال إيفريت” بقالب من التراجيديا والكوميديا السوداء الساخرة في عام 2001، تعكس لنا اليوم صورة واقعية لاذعة للمجتمع الأمريكي.
فيلم “خيال أمريكي” هو فيلم مبني على تلك الرواية التي تدور حول كاتب روائي أسود مغمور يدعى “مونك” وهو مُستاء ومُحبط من المؤسسات التي حوّلت الفن والأدب إلى سلعة، من خلال التكسّب الإعلامي من قصص السود المعتمدة على الابتذال والمبالغات واستغلال العواطف.
الغالبية من المؤسسات ومجتمع البيض ومجتمع السود في أمريكا لا يريدون عملًا أدبيًّا أصيلًا وحقيقيًّا، بل عملًا تجاريًّا يخدم الأجندات. المؤسسات تريد إثبات أنها غير عنصرية ومهتمة بكل الأعراق والمجتمعات والثقافات، ولا سيما السود، البيض يريدون أن يحتفلوا بتلك الأعمال في مناسباتهم الاجتماعية لكي يمارسوا النفاق وتمثيلية الشعور بالذنب وإظهار أنهم في قمة الإنسانية وضد العنصرية، والسود يريدون الاستفادة من كل ذلك من خلال الظهور كمظلومين ومسلوبي الحقوق دائمًا. باختصار، الجميع مستفيد بطريقةٍ ما على حساب الآخر.
حبكة الفيلم تنطوي مع بطلنا “مونك” الذي تم رفض طباعة روايته الجديدة لأنها “ليست سوداء بما فيه الكفاية” ومن بعدها يقوم بكتابة رواية جديدة ساخرة تحت اسم مستعار تماشيًا مع هذا العالم المجنون والمنافق، فماذا سيحدث؟
لقد أبهرني “كورد جيفرسون” بتجربته الأولى كمخرج لهذا الفيلم، وأيضًا ككاتب للنص السينمائي باقتباسه من الرواية. الفنان “جيفري رايت” أبدع في أداء شخصية “مونك” وكذلك بقية الممثلين قدّموا أداءً جميلًا. الموسيقى التصويرية كانت متميزة ومنسجمة مع أحداث الفيلم.
ترشّح الفيلم لـ 5 جوائز أوسكار، لأفضل فيلم وأفضل نص سينمائي مقتبس وأفضل ممثل “جيفري رايت” وأفضل ممثل مساعد “ستيرلينغ كيه براون” وأفضل موسيقى تصويرية، وسيتم الإعلان عن الفائزين بالجوائز في حفل الأوسكار الذي سيُقام في شهر مارس القادم.