كتاب الراية

من حقيبتي.. ميزانية رمضان

كنت في زيارةٍ لأحد الأصدقاء فشدّ انتباهي مواد غذائيّة بعضها في كراتين في طريقها إلى حاوية النُفايات، وحينها زاد عندي الفضول فاستفسرت عن الموضوع، فإذا بها مواد بقيت من رمضان الماضي لم تُستخدَم، وترغب «أم العيال» في الأنواع الجديدة التي نزلت في السوق، وأعتقد أنه في هذا الوقت، وفي أغلب الأسر، هناك طوارئ مالية ولوجستية، إما معلنة أو في الخفاء، لأننا في شهر شعبان، وبعد مدة يسيرة يهلُّ علينا أفضل الشهور شهر رمضان شهر الصوم وقراءة القرآن، هذا الشهر مثل كأس الماء، فيه الماء إلى النصف، كل شخص يراه من زاوية مُختلفة، فمنهم من يرى القسم المملوء، وآخر يرى القسم الفارغ، ونطرح هنا زاوية مُعينة في سلوكنا، فالشهر على ما فيه من خير وعبادة، إلا أنه يتحول عند البعض إلى كابوس في تضخم الميزانية، فتفقد فيه الإدارة المالية في المنزل السيطرة على الوضع، بسبب أعراف وأفعال، ما أنزل الله بها من سلطان، ويتم تصوير الوضع وكأنك أمام «بُعبُع» خيالي اسمه المجاعة، ولا يوجد سبب آخر يُبرّر تلك الكَميات من المواد الغذائيّة، التي سوف تتكدّس في المخازن، تقول مُنظمة الأمم المُتحدة إن سكان العالم، الذين هم المُتنعمون نسبيًا، يهدرون ثلث المواد الغذائية ويرمونها في القُمامة، وأعتقد أن النسبة تفوق ذلك عند المُسلمين في شهر رمضان، خاصة في دولنا، والدليل الزيادة الملحوظة في حجم النُفايات، فمن يُخرج كيسًا واحدًا في الأيام العادية، يُخرج ثلاثة في رمضان، فكثير من الناس يتهيأ لهم أنهم في مجاعة في هذا الشهر الفضيل، فمنظر العربات يُعطيك فكرة عن الهدر في الميزانية، ومن كلام الناس في المجالس ومنصات التواصل تستشعر أن المُشكلة ليست في أشخاص بل في تفكير مُجتمعي يحتاج إلى تقويم وتصحيح، فما بقي من مواد غذائية بعد رمضان السابق هو أكبر دليل، وكيف صارت نهايتها في براميل النُفايات، الموضوع يحتاج إلى بحث، لأن هناك موضوعًا مبتكرًا وجديدًا، وقد يحتاج ذلك لمقالة مُستقلة، لكن يبقى الأمر هو العقلانية في الاستهلاك وعدم دخول دائرة الإسراف المكروهة.

 

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X