إسرائيل وتوسيع جبهاتها الجهنمية
بقلم/ رندة تقي الدين:
أظهر استطلاع رأي نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية أن 71% من الإسرائيليين يريدون أن تشن إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضد لبنان بهدف إبعاد حزب الله عن الحدود الشمالية لإسرائيل. هؤلاء المؤيدون لتوسيع حروب إسرائيل على جميع الجبهات في غزة ورفح والأراضي الفلسطينية والحدود الشمالية مع لبنان يدفعون إسرائيل إلى حرب 100 سنة. فرغم كل ما تقوم به إسرائيل من قتل وتجويع وقصف وتيتيم لأطفال بل وقتلهم وتدمير المستشفيات ودفع الفلسطينيين إلى النزوح من منطقة إلى أخرى تحت القصف الوحشي لا يمكن لها أن تنهي الشعب الفلسطيني أو أن ترميه في البحر. فأجيال من الأطفال الذين قدر الله لهم البقاء على قيد الحياة سيتحولون في المستقبل إلى شبان يتطلعون للانتقام من قوة الاحتلال لآبائهم وأهلهم ولما فعله جيش الاحتلال الإسرائيلي بالمدنيين الفلسطينيين الأبرياء. أما توسيع الحرب إلى لبنان كما هدد مرارًا رئيس حكومة إسرائيل ووزير دفاعه بإعادة لبنان إلى العصر الحجري وكما قال وزير الأمن بن غفير إن ما يجري في غزة ينبغي أن يحصل في لبنان هو تعبير عن ذهنية عنف ووحشية تقود سياسة إسرائيل في المنطقة. الحكومة الإسرائيلية التي يترأسها نتنياهو ترفض أي اقتراح من الحليف الأمريكي بقبول مبدأ إنشاء دولة فلسطينية. وينقل في الإعلام الأمريكي عن أن الرئيس بايدن مستاء من نتنياهو، لكن ما فائدة الاستياء ما لم تتوقف الإدارة الأمريكية عن مد إسرائيل بالسلاح ومليارات الدولارات للاستمرار بما سمته الدول الغربية بعد عملية ٧ أكتوبر بأنه «حق إسرائيل بالدفاع عن النفس» وأعطى هذه الحكومة الإسرائيلية حجة إضافية للقيام بحرب أسقطت أكثر من عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء. إسرائيل عازمة على توسيع هذه الحرب إلى لبنان وارتكاب كارثة إضافية في المنطقة. إن جبهة الجنوب اللبناني حاليًا مشتعلة فقد سقط عشرات من الضحايا اللبنانيين ونزح العديد من سكان المنطقة إلى أماكن أخرى. أما الذين بقوا فيعيشون تحت تهديد مروع بالقصف الإسرائيلي. حزب الله ووزير خارجية إيران من لبنان أكدا أنهما لا يريدان الحرب. لكن إسرائيل تستدرج الجبهة اللبنانية إليها. تحاول فرنسا التي لديها علاقات تاريخية مع لبنان إضافة إلى أكبر جالية فرنسية في لبنان و٨٠٠ جندي فرنسي ضمن قوات حفظ السلام لليونيفيل إقناع الطرفين الإسرائيلي واللبناني بوقف إطلاق النار على هذه الجبهة وتجهد بالمساعدة مع الأمريكيين لتجنيب توسيع الحرب إلى لبنان. لكن الأيام الأخيرة أظهرت أن نتنياهو لا يسمع من أحد لا بالنسبة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة ولا وقف القتال من أجل تحرير الرهائن ولا بالنسبة لحل إنشاء دولة فلسطينية لاحقًا كما عرض الجانب الأمريكي. حكومة نتنياهو عازمة على الاستمرار في حربها وحسب تهديدات وزراء إسرائيل تريد أيضًا توسيع الجبهة إلى كل لبنان «وليس فقط مناطق حزب الله». إسرائيل تسعى للتخلص من وكالة الأونروا التي ينبغي تقديرها لأنها تقدم كل المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في غزة وفي لبنان والأردن. فهي مستعدة لتدمير لبنان وتهديدها بذلك يقع ضمن أعمالها اللا إنسانية. لذا فإن اللبنانيين يعيشون في توتر جراء ما يرونه من وحشية في غزة ورفح.
قال العاهل الأردني الملك عبدالله للرئيس الفرنسي قبل أيام إن إسرائيل دفعت 1.5 مليون من سكان غزة إلى منطقة رفح الضيقة التي تكتظ بعدد سكان كبير. وقد حذر الرئيس الفرنسي حكومة إسرائيل في اتصال هاتفي مع نتنياهو من أن الهجوم على رفح سيكون نقطة تحول. لكن السؤال هو التحول عن ماذا؟. طالما الغرب لا يعاقب الحكومة الإسرائيلية لما تقوم به في غزة ورفح وربما في لبنان فتحذيراتهم لا تعني شيئًا. الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاقتصادي الأول لإسرائيل فيا حبذا لو أوقف هذا التعاون كمعاقبة لإسرائيل لكن هذا لم يحصل في الماضي ولن يحصل في المستقبل مهما كانت جرائم إسرائيل على الشعب الفلسطيني. المسار القتالي المعتمد من نتنياهو ووزرائه قد يحول المنطقة إلى ساحة حرب دائمة. فلا إسرائيل قابلة أن تتعايش مع الشعب الفلسطيني وقد أخذت أرضه بالقوة وقد تستمر في نهج دفعه لخارج أماكن سكنه الحالية التي هجر إليها. لبنان شنت إسرائيل حربًا عليه في ٢٠٠٦ ولا شيء يردعها عن القيام بذلك مجددًا. فهي لا تريد على حدودها دولة تنتعش. هي مرتاحة للوضع السوري الحالي وتود توسيع الحرب إلى لبنان ليكون ذلك بمثابة استكمال للمسار الإسرائيلي القتالي بلا نهاية التي نتمنى أن يكون قربًا لنهاية هذه المآسي.
صحفية لبنانية