الدوحة – الراية:

أطلقت دولة قطر استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة (2024 – 2030) لتمثل خريطة الطريق لتحقيق غايات «رؤية قطر الوطنية 2030» التي أطلقت في العام 2008، حيث تتطلع استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، التي أعدّت تحت إشراف اللجنة العليا لإعداد استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة، بقيادة معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، للانتقال بدولة قطر إلى مصاف الدول المتقدمة بحلول عام 2030، وتحقيق التنمية المستدامة وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلًا بعد جيل.

وأكد جهاز التخطيط والإحصاء أن الاستراتيجية الثالثة تتطلع لتحقيق سبع نتائج وطنية وهي: نمو اقتصادي مستدام عبر تسريع وتيرة النمو الاقتصادي بمعدل نمو 4% سنويًا حتى 2030 من خلال توسيع إنتاج الغاز، وتسريع نمو أنشطة التنويع الاقتصادي، وبناء منظومة ابتكار حيوية تعتمد على القطاع الخاص، وزيادة إنتاجية القوى العاملة بنسبة 2% سنويًا وتحسين بيئة الأعمال.

كما تتطلع الاستراتيجية إلى تحقيق متوسط نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير الهيدروكربوني بنسبة 4% بحلول العام 2030، مع جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتصل إلى 100 مليار دولار بحلول سنة 2030 وأن يرتفع إجمالي الإنفاق المحلي على البحث والتطوير ليصل إلى 1.5% نسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

كما تهدف الاستراتيجية إلى إنشاء تجمعات اقتصادية تخصصية قادرة على المنافسة على المدى البعيد وذلك لدفع عجلة التنويع الاقتصادي، وتعزيز الخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى التحول إلى مركز لإعادة تصدير منتجات عالية القيمة وتعزيز مكانة قطر العالمية في مجال النقل الجوي، ودعم قطاع السياحة بجعل قطر الوجهة السياحية المفضلة للأسر، وتطوير سياحة الأعمال والفعاليات.

وتركز التجمعات الاقتصادية أيضًا على تكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية، وذلك عبر تطوير الاقتصاد الرقمي والقدرات الاستراتيجية في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة الأخرى في المدى البعيد، فضلًا عن تطوير الخدمات المالية عبر تطوير الاختصاصات الناشئة مثل تكنولوجيا التأمين، وتعزيز إدارة الأصول وأسواق رأس المال.

قطاع التعليم

وفي قطاع التعليم -كقطاع اقتصادي- سيتم الترويج لقطر كمركز للتعليم العالي، وزيادة مشاركة القطاع الخاص، بينما سيعزز الأمن الغذائي في قطاع الغذاء والزراعة، رفقة تطوير تخصصات طويلة المدى مثل التكنولوجيا الزراعية. وعلى مستوى قطاع الصحة كقطاع اقتصادي تمكيني، تتطلع استراتيجية التنمية الوطنية الثالثة إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات الصحية وتطوير السياحة العلاجية، وبناء قدرات التخصصات بعيدة المدى مثل الطب الدقيق. كما تتطلع الاستراتيجية لدراسة بناء تجمعات اقتصادية تنافسية أخرى في المستقبل حول التقنيات الواعدة مثل التكنولوجيا الخضراء، وحول الأصول الوطنية مثل الإعلام والصناعات الإبداعية.

تبسيط الإجراءات

وبشكل عام ولتحسين بيئة الأعمال، ستُبسط إجراءات الخدمات الحكومية المقدمة للشركات في جميع المراحل، ومنها إزالة العوائق التي تواجه الشركات والمستثمرين وتعزيز إجراءات النظام القضائي والشفافية ومواءمة المناطق الاقتصادية والإجراءات والحوافز المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر.

إلى جانب تطبيق إجراءات تحرير الأسواق والخصخصة لدعم إنشاء التجمعات الاقتصادية المستهدفة، وتحرير منظومة التجارة من خلال تبسيط إجراءات التخليص الجمركي، وتعزيز الترويج التجاري واتفاقيات التجارة الحرة وتعزيز قدرة القطاع الخاص على الوصول إلى مصادر التمويل، بما في ذلك الاعتمادات ورأس المال الجريء وأسواق رأس المال. وتحسين طرق الشحن التي تربط قطر مع الدول الأخرى، وتعزيز كفاءة البنية التحتية للخدمات اللوجستية.

إعداد موازنات عامة أكثر استدامة وقدرة لمعالجة التحديات

تسعى الاستراتيجية الثالثة لتحقيق طموحات متعددة منها إعداد إطار موازنات عامة أكثر استدامة وقدرة على معالجة التحديات، والوصول إلى ميزانية عمومية مرنة تتميز بمستويات صحية من الديون وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي وفاعليته، وزيادة مساهمة القطاعات غير الهيدروكربونية في الإيرادات الحكومية، وتستهدف الاستراتيجية أن يكون الرصيد الكلي للمالية العامة 5.5% (كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي) والتصنيف الائتماني السيادي AA/‏‏Aa2، مع استقرار آفاقه المستقبلية وعدم تجاوز معدل نمو النفقات الحكومية لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير الهيدروكربوني، على أن يكون ذلك عبر مجموعة من الخطوات؛ منها وضع إطار لإعداد موازنات متوسطة المدى على أساس البرامج ومواءمة عمليات التخطيط وإعداد الموازنات واعتماد الموازنات القائمة على البرامج في مختلف المؤسسات الحكومية.قوى عاملة جاهزة للمستقبل تسعى الاستراتيجية الثالثة لتحقيق طموحات متعددة منها مشاركة أعلى للقطريين في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وإلى تكوين قاعدة كفاءات ذات دافعية وأكثر تنافسية وقوى عاملة ماهرة ذات إنتاجية عالية.

وتستهدف الاستراتيجية بحلول عام 2030 إلى أن تكون نسبة العاملين المهرة أو ذوي المهارات العالية من إجمالي القوى العاملة 46% وأن تكون نسبة القطريين في القطاعين المختلط والخاص 20%.

 رقمنة 90% من الخدمات الحكومية في 2030

تسعى الاستراتيجية الثالثة لتحقيق طموحات متعددة منها الريادة في مجال تزويد الخدمات الحكومية، والريادة في مجال الحكومة الرقمية، وكذلك تعزيز فعالية وضع السياسات وتعزيز المساءلة ضمن المؤسسات الحكومية.

وتهدف الاستراتيجية بحلول العام 2030 إلى تحقيق نسبة الخدمات الحكومية المرقمنة بشكل كامل 90%، بينما يكون الترتيب على مؤشر فعالية الحكومة بين أفضل 10% كما تهدف الاستراتيجية إلى أن تكون قطر بين أفضل 15 دولة على مؤشر الخدمات الإلكترونية، وأن تكون القيمة في مؤشر المشاركة الإلكترونية أكثر من 0.8 ومعدل الرضا عن الخدمات الحكومية للمواطنين +85% وأن تكون الدرجة 70 أو أعلى على مؤشر مدركات الفساد. ولتحقيق ذلك ستسعى الدولة إلى تطوير تصميم الخدمات الحكومية وتقديمها عبر تعزيز القدرات المركزية في موضوعات الابتكار والرقمنة وقيادة عملية رقمنة وأتمتة الخدمات الحكومية الرئيسية، كما سيتم إطلاق عملية مركزية لتطوير قدرات البيانات والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وتعزيز الوظائف المركزية وتقليل تداخل المهام والاختصاصات، وضمان توزيع واضح للمسؤوليات الوظيفية، وكذلك تعزيز وظائف وضع السياسات في مختلف المؤسسات ودفع التعاون بينها، وتعزيز القدرات والحوكمة ونماذج التشغيل في هيئات الرقابة المستقلة، وضمان سهولة الوصول إلى التقارير الحكومية وتغييرات السياسات والبيانات العامة، وأخيرًا تجدر الإشارة إلى أن المرحلة الأولى من التنمية شهدت بناء العديد من المؤسسات الوطنية الرئيسة، ومن بينها جهاز قطر للاستثمار، والخطوط الجوية القطرية، ومؤسسة قطر، فيما حققت الدولة إنجازات خلال المرحلة الثانية تتعلق بتطوير البنية التحتية الحيوية اللازمة للنمو المستقبلي، ومن ضمنها إنشاء وتطوير الموانئ والمطارات والمترو وشبكة حديثة من الطرق السريعة.

تحسين جودة الهواء وحماية التنوع البيولوجي

وتهدف الاستراتيجية إلى العمل على تحسين جودة الهواء وحماية التنوع البيولوجي وكذلك إدارة الموارد المائية بكفاءة عالية والانتقال إلى اقتصاد دائري مزدهر لبيئة مستدامة، كما تسعى إلى تخفيض نسبة انبعاثات الغازات الدفيئة بمعدل 25% عن مستويات الوضع الراهن بحلول عام 2030 وحماية 30% من المناطق البرية، و30% من المناطق الساحلية وتحقيق نسبة الموائل الطبيعية المتأثرة بيئيًا التي تم استرجاعها إلى 30% وتخفيض استخراج المياه الجوفية بنسبة 70% وكذلك تخفيض نصيب الفرد من استهلاك المياه بنسبة 33% وأن تصبح سعة الطاقة المتجددة (4 جيجاوات) وتخفيض نسبة هدر الطعام بنسبة 50%.

وسيتم ذلك عبر مجموعة من الخطوات منها اعتماد تدابير لخفض الانبعاثات في القطاعات الرئيسية، كالنفط والغاز والطاقة والمياه والنقل والبناء والتشييد والصناعة وتطوير شبكة تنقل تسرّع التحوّل نحو وسائل النقل العامة والمستدامة كما سيتم تخصيص مناطق للموائل الطبيعية وحماية النظام البيئي وإحيائه وضمان إمدادات مياه موثوقة ومستدامة لحماية موارد المياه على المدى البعيد، مع الحفاظ على جودة جميع مصادر المياه وتعزيز ممارسات ترشيد استهلاك المياه، كما سيتم اعتماد المبادئ الدائرية في العمليات الصناعية، وتشجيع تطوير واعتماد ممارسات مستدامة وفعّالة في استخدام الموارد ودعم الممارسات الزراعية المبتكرة التي تركّز على الزراعة المستدامة ذات الإنتاجية العالية وتنفيذ متطلّبات تشييد المباني الخضراء.

تمكين المرأة في مختلف المجالات

تهدف رؤية قطر إلى تقوية الأسرة، لهذا تؤكد الاستراتيجية على بناء وتعزيز أسر قوية ومتماسكة وتمكين المرأة في مختلف المجالات، في مجتمع تشاركي يعمل على تمكين الفئات الأولى بالرعاية وبتعزيز المواطنة المسؤولة وتعزيز السلام والازدهار على الصعيد الدولي.

تستهدف الاستراتيجية إلى أن يكون معدل الخصوبة 3.0 ولادات لكل امرأة وزيادة نسبة النشطين اقتصاديًا من الأشخاص ذوي الإعاقة إلى %30 وزيادة عدد الأخصائيين الاجتماعيين المرخص لهم إلى 35 لكل 100 ألف نسمة وزيادة معدل العمل التطوعي إلى 10%. وسيتم ذلك عبر مجموعة من الخطوات منها تعزيز وتوسيع الخدمات المُقدمة للفئات الأولى بالرعاية، وتحسين برامج الضمان الاجتماعي وتمكين منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص من تقديم خدمات الدعم الاجتماعي، وسيتم توسيع السياسات الأسرية الداعمة للإنجاب ودعم مؤسسة الزواج وتعزيز أنظمة الدعم لتمكين المرأة ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وأسريًا وتنمية رأس المال البشري للقطاع الاجتماعي وتقوية معايير وظائف الخدمة الاجتماعية وسيتم توسيع بنية العمل التطوعي في الدولة وتطوير برنامج لتحفيز العمل المدني لتعزيز المواطَنة المسؤولة والمشاركة الفاعلة وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني وتعزيز نموذج تقديم المساعدات الخارجية ومواصلة تطوير الشراكات مع المجتمع الدولي.

وتسعى الاستراتيجية الثالثة لتحقيق طموحات منها زيادة المشاركة في الأنشطة البدنية وإقامة فعاليات ترفيهية وثقافية عالمية المستوى، وبنية تحتية فعالة وسهلة الاستخدام والسلامة على الطرق وكذلك معدل منخفض للجرائم والجرائم الإلكترونية. وتستهدف الاستراتيجية بحلول عام 2030 إلى تحقيق زيادة متوسط العمر المتوقع إلى 82.6 سنة وتخفيض معدل الوفيات بسبب الأمراض غير المعدية المرتبطة بنمط الحياة (مثل السكري) بنسبة 36% وزيادة نسبة البالغين الذين يمارسون نشاطًا بدنيًا لمدة 150 دقيقة أسبوعيًا إلى 79% للذكور و70% للإناث، بينما تكون القيمة 80 أو أكثر في مكوّن البنية التحتية لمؤشر قابلية العيش العالمي وتخفيض معدل الوفيات الناجمة عن حوادث السير إلى أقل من 4.9 لكل 100 ألف نسمة. كذلك زيادة نسبة الخريجين من تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لتصل إلى 18% وتحسين أداء الطلبة في اختبارات التقييم الدولية (PISA) ليصل متوسط الدرجات إلى 483. وسيتم ذلك عبر مجموعة من الخطوات:

في قطاع الرعاية الصحية: سيتم إطلاق خطة وطنية لدعم نمط الحياة الصحية والرعاية الذاتية وضمان استمرارية الرعاية خلال رحلة المريض والاستفادة من الأدوات الرقمية والتحليلات لتعزيز تجربة المريض وكذلك تحسين الكفاءة والاستدامة المالية لنظام الرعاية الصحية. كما ستعمل على قطاع الترفيه والثقافة والرياضة وذلك عبر إقامة عروض وفعاليات ترفيهية عالمية المستوى، وتعزيز التميّز في تقديم الخدمات وإطلاق برامج مصممة خصيصًا للشباب واحتياجاتهم. وعلى مستوى البنية التحتية سيتم توسيع إمكانية الوصول إلى المرافق الترفيهية والأماكن العامة، وزيادة جاذبيتها، كما ستعمل على الأمن والسلامة العامة من خلال تعزيز مكانة قطر كواحدة من أكثر البلدان أمانًا في العالم، وتطوير القدرات بهدف مكافحة جرائم المخدرات والجرائم الإلكترونية وكذلك الاستفادة من التقنيات الحديثة في تحسين السلامة على الطرق بهدف الحد من حوادث المرور.