إن دخول دولة أو إقليم في نزاع مُسلح أو حرب شاملة أو حالة استنزاف، إنما سينعكس بشكل مُباشر وكبير على اقتصادها واقتصاد الإقليم وربما العالم، وذلك حسب نوع ومساحة وارتباطات الصراع إقليميًا وعالميًا، وهنا يأتي مفهوم وأهمية إدارة العملية الاقتصادية في ظل هذه الظروف لتحقيق أهداف سياسية استراتيجية وتكتيكية على الأرض، باعتبار أن المال والتجارة وحركة الاقتصاد هي عنصر من عناصر المعركة، وفي هذا المبحث نطرح أهمية إدارة هذه العناصر لوقف العدوان والحرب على غزة ورفع المُعاناة الإنسانية عن أهلها وتحقيق السلام والاستقرار الإقليمي كمطلب دولي، عبر مواقف سياسية واقتصادية رشيدة، وفي سياق القانون الدولي، وبشكل مُباشر للوقوف على الهدف موضع البحث وهو تدفق حركة التجارة البرية الموازية إلى إسرائيل بعد تعطلها جزئيًا في البحر الأحمر، حيث تعتبر هذه فرصة لتعزيز عمل القنوات الخلفية في السياسة العربية لتحقيق أهداف مُشتركة، من جهة تستخدم كوسيلة للدفع بإيصال المُساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة في مناطق الصراع في غزة، ومن جهة تبقي على التزام الدول غير المنخرطة في حالة الحرب باتفاقيات التجارة الدولية، ولكن في إطار تحقيق مُستوى من التوازن في الموقف تجاه الحرب القائمة، وفي نفس السياق لا بد أن نُدرك أن العمل السياسي والاقتصادي والإنساني وأحيانًا العسكري، يكون متطلبًا لإحداث حالة الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة، وأحد أهم مُقومات التنمية المُستدامة بمعنى القابلة للاستمرار والحياة، وهي منهجية لطالما استخدمتها الولايات المُتحدة الأمريكية كسياسة استراتيجية في إدارة صراعاتها الخارجية، وآخرها في أوكرانيا، حيث جاء في تصريحات البيت الأبيض حول آخر حُزمة مُساعدات تم إقرارها لدعم أوكرانيا والتي تتجاوز الخمسين مليار دولار، إن الهدف هو دعم الاقتصاد الأوكراني لديمومة كِيان ومؤسسات الدولة، وعدم انهيارها بما ينعكس إيجابًا على الأمن القومي الأمريكي، بنفس المقياس والرؤية الشمولية، إن الدعم الاقتصادي وبناء دولة فلسطينية قابلة للحياة، يُشكل ركيزة أساسية للأمن القومي العربي والإقليمي، اقتصاديًا وسياسيًا واستراتيجيًا. وبالتالي فإن العمل على ذلك يعتبر أولوية قصوى عند المنظومة الإقليمية ومتطلبًا داخليًا لهذه الدول.

[email protected]