قطر والكويت.. علاقات تاريخية وشراكة استراتيجية شاملة
الدوحة – قنا:
ظلت العلاقات القطرية الكويتية على الدوام قوية وراسخة، يعززها التنسيق عالي المستوى بين القيادتين الحكيمتين في البلدين الشقيقين، وحرصهما الدائم على دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، الأمر الذي حول العلاقات التاريخية بين البلدين من علاقات تعاون ثنائي إلى شراكة استراتيجية شاملة، وتكامل في مختلف المجالات.
وتجمع الدولتين علاقات وأواصر تتجاوز حدود مفاهيم الدبلوماسية والجغرافيا، وتضرب جذورها في أعماق التاريخ، كما كانت هذه العلاقات مثالا حيا على التكامل والتعاضد والتعاون بين الأشقاء ليس في منطقة الخليج العربي فحسب وإنما في المنطقة العربية بأسرها.
ويرتبط البلدان الشقيقان بعلاقات ذات خصوصية متميزة تحمل سمات مشتركة، مبنية على وحدة المصير والهدف، والسعي المشترك لتحقيق التكامل والترابط في جميع المجالات الحيوية التي تحقق آمال شعبيهما، وهو ما ينسجم مع إصرار القيادتين السياسيتين الحكيمتين في البلدين الشقيقين على الدفع والارتقاء بهذه العلاقات إلى مستويات أعلى وأكثر تكاملا.
وتميزت هذه العلاقات بالقوة على كافة المستويات، خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث شهدت تطورا واسعا، عكسه تقارب وجهات نظر البلدين على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، فضلا عن تقارب الرؤى المشتركة حول الملفات الإقليمية والدولية، ولذلك يتبادل كبار المسؤولين في البلدين بشكل دائم الزيارات والرسائل والاتصالات، وهو ما يبرهن على الشراكة المتميزة التي تربط بين قطر والكويت، والمنزلة الرفيعة والمكانة الاستثنائية لدولة الكويت في قلوب القطريين أميرا وحكومة وشعبا.
وفي مؤشر على عمق وخصوصية العلاقات القطرية – الكويتية، وبتوجيه من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، تم إطلاق اسم الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الراحل، على مشروع طريق المحور /محور صباح الأحمد/، الذي يمثل شريانا حيويا جديدا للطرق بدولة قطر، ويمتد من جنوب الدوحة إلى شمالها، وذلك تعبيرا عن شكر قطر وحبها وامتنانها لقائد عربي كبير، تميز بمواقفه المشرفة تجاه وطنه وأشقائه العرب، وأمته الإسلامية على امتداد العالم، حتى استحق عن جدارة لقب /أمير الإنسانية/.
كما شكلت هذه الخطوة مؤشرا على مكانة ومنزلة هذا القائد العربي الكبير في قلب قطر أميرا وحكومة وشعبا، وجاء تدشين هذا الطريق متزامنا مع مشاركة دولة قطر للأشقاء بدولة الكويت احتفالاتهم بالذكرى الـ58 لعيدها الوطني، والذكرى الـ 28 لتحريرها.
وتغطي علاقات التعاون بين قطر والكويت، المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية، والعسكرية والأمنية والتعليمية والسياحية والفنية، وقد تم تأسيس لجنة عليا مشتركة في 18 يونيو عام 2002، من أجل خلق توأمة بين البلدين الشقيقين، تشمل كافة مناحي التعاون، والبحث عن آفاق أرحب للتآخي بينهما.
وفي نوفمبر من العام 2020، عقدت اللجنة دورتها الخامسة عبر تقنية الاتصال المرئي، وجرى خلالها استعراض علاقات التعاون الثنائي، وتعزيز التعاون، وتحقيق المزيد من التكامل في مختلف القطاعات، وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، كما جرى توقيع خمس مذكرات تفاهم، للتعاون في مجالات تشجيع الاستثمار المباشر، وشؤون الخدمة المدنية والتنمية الإدارية، والشؤون الإسلامية ، وفي المجالات الزراعية المختلفة، وفي مجالات تحسين أعمال تنفيذ وإنشاء وصيانة الطرق.
وفي يناير لعام 2020 وقعت دولة الكويت اتفاقية طويلة الأمد مع دولة قطر لاستيراد الغاز الطبيعي المسال لمدة 15 عاما تبدأ من 2022 إلى نهاية 2036، وتقضي الاتفاقية بتوريد 3 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى مجمع الغاز الطبيعي المسال في ميناء الزور الكويتي اعتبارا من 2022.
وفي مؤشر على العلاقات المتينة والقوية بين البلدين الشقيقين، أقيم معرض “صنع في قطر” في أرض المعارض بمعرض الكويت الدولي في فبراير 2020، بمشاركة 220 شركة صناعية قطرية لتحفيز الاستثمارات المتبادلة، وصاحب المعرض انعقاد ملتقى الأعمال القطري الكويتي والذي يهدف إلى تعزيز علاقات التعاون بين قطاعات الأعمال في البلدين.
وجاءت المشاركة الواسعة من قبل قطاعات الأعمال القطرية في المعرض والملتقى المصاحب، تأكيدا على الرغبة الصادقة لدى رجال الأعمال القطريين والشركات القطرية في دخول السوق الكويتي، وإقامة علاقات تجارية تعزز اقتصادي البلدين الشقيقين وتلبي الطموحات في إقامة مشروعات قطرية كويتية مشتركة تدفع بالتعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين إلى الأمام.
وجاء تنظيم معرض /صنع في قطر/ بهدف دعم المنتجات المحلية وتسليط الضوء على النجاحات التي حققتها الصناعات الوطنية وما شهدته من تطور خلال السنوات القليلة الماضية، ودعم جهود الدولة الرامية إلى دعم قطاع الصناعة وفتح أسواق خارجية جديدة أمام الشركات القطرية، فضلا عن المساهمة في توطيد أواصر العلاقات الاستراتيجية بين دولة قطر ودولة الكويت.
كما شهد المعرض على مدار أيامه الأربعة، تنظيم عدد من الفعاليات الجانبية المصاحبة، وعقد لقاءات ثنائية بين رجال الأعمال من الجانبين تم خلالها استعراض الفرص الاستثمارية المتاحة وبحث سبل بناء آليات تعاون اقتصادي طويل الأمد بين الشركات القطرية والكويتية.
وتعتبر دولة الكويت الشريك التجاري الثاني عشر لدولة قطر، ويشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين، نموا مستمرا، وقد كان للخط الملاحي، الذي تم تدشينه بين ميناء حمد وميناء الشويخ الكويتي في أغسطس من عام 2017، دور محوري في مضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ووفر خدمة مثالية في نقل البضائع، خاصة المواد الغذائية وغيرها من وإلى دولة قطر بشكل منتظم.
وقد ارتفع عدد الشركات الكويتية التي دخلت السوق القطري بملكية مائة بالمائة ليصل إلى 170 شركة، بينما فاق عدد الشركات القطرية – الكويتية المشتركة العاملة في السوق القطري أكثر من 656 شركة، وتعتبر حركة الطيران المتميزة بين البلدين أحد الشواهد على تطور العلاقات التجارية التي يحرص الطرفان على تعزيزها وتطويرها.
وامتد التعاون بين البلدين لقطاع التعليم، حيث يتواجد العديد من الطلبة الكويتيين في قطر لتلقي التعليم في مختلف المراحل الدراسية، خاصة طلبة البكالوريوس والدراسات العليا في مختلف التخصصات والجامعات، كما يوجد تعاون عسكري كبير بين الدولتين، وبلغ عدد المنتسبين من الطلبة الضباط الكويتيين الدارسين في الكليات العسكرية القطرية 69 طالبا ضابطا، بالإضافة إلى مشاركة أعداد كبيرة من مختلف قطاعات القوات المسلحة القطرية في التمارين المشتركة التي تقام في دولة الكويت، فيما تشارك أعداد كبيرة من القوات المسلحة الكويتية في التمارين التي تقام بدولة قطر.