الدوحة _ قنا:

افتتحت متاحف قطر، اليوم، في مطافئ: مقر الفنانين معرض “دفقة سكون” ، وهو أول معرض شامل لأعمال الفنانة السويسرية بيبيلوتي ريست، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يأتي المعرض في شكل عمل فني تركيبي شامل يمتد على مساحة عرض تبلغ أكثر من 650 مترا مربعا في جاليري الكراج بمطافئ، ويقدم تشكيلة من بعض أبرز أعمال الفنانة إلى جانب قطع تفاعلية جديدة أنشئت خصيصا لهذا المعرض الذي يشرف على تنظيمه القيم الفني ماسيميليانو جيوني، والذي يقام في إطار فعاليات فبراير الخاصة بمبادرة قطر تبدع، الحركة الثقافية الوطنية التي تنشط على مدار العام، وترعى الأنشطة الثقافية في قطر وتحتفي بها وتروج لها، كما تعرف المقيمين والجمهور العالمي بالصناعات الإبداعية في قطر. ويسدل المعرض ستاره في 1 يونيو 2024.
وقالت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر في كلمة لها بالمناسبة: “كثير ممن استمتعوا بعمل بيبيلوتي ريست التركيبي الغامر في متحف قطر الوطني يعتبرونه المفضل لديهم. نحن نفخر ونسعد بتعميق علاقاتنا مع هذه الفنانة عبر تقديم هذا المعرض التفاعلي الجديد والرائع، الذي يعد الأول من نوعه في منطقتنا، والذي صممته خصيصا لجمهورنا. صحيح أنها تستخدم في أساليبها وسائل تكنولوجية متقدمة، إلا أنها تتمتع بروح إنسانية عميقة، فلا شك أنها ستلهم الأطفال في الاحتفال بالسنة الدولية للأسرة هذا العام، فيما تأخذ الزوار البالغين في رحلة إلى فضاء نتساءل فيه عن منظورنا للعالم ولبعضنا البعض”.
من جهته، قال الفنان خليفة العبيدلي، مدير مطافئ: مقر الفنانين، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية قنا، إن بيبيلوتي ريست، فنانة مختلفة في طريقة عرضها وتفاعلها مع أعمالها، حيث كانت أول تجربة معها من خلال معرضها بيبيلوتي ريست: عقلك كما أراه، عقلي كما تراه، وهذا المعرض الذي يحتضنه جاليري الكراج بمطافئ، بحجم أكبر، حيث إنها ركزت على الأعمال المرئية كالضوء، والصوت، والأثاث المنزلي، من أجل استعراض الحالات التي يمر منها الإنسان، حيث إن دفقة سكون، عندما يلجه الزائر، تنتابه أحاسيس مختلفة وهو يتجول في جنباته.
وأضاف أن الطريقة غير الاعتيادية لعرض الفنانة لأعمالها، تفتح المجال للفنانين المحليين للاطلاع على طرق عرض مبتكرة ويستلهمون منها لعروضهم الفنية.
وقالت بيبيلوتي ريست في كلمة لها، : “حينما أبدع عملا فنيا، أقدم تقديرا، وتقديسا لجمال العيش وبشاعته، وأرى جميع المنتجات الفنية، من خزف، ولوحات فنية إلى تطريز، وأفلام وموسيقى، بمثابة شهادات تقدير. إذ إن الفن الذي يلامس روحك وروحي حقا يغمرنا بالحكمة: فهو يدربنا على قبول الآراء المختلفة، ويزرع السكينة في قلوبنا ويصلح بين العقل والغريزة، يساعدنا على الاعتراف بتحيزاتنا وتحقيق التوافق النفسي، فبوسعه أن يولد عالما خياليا شبيها بالمدينة الفاضلة ويساعدنا على أن نكون في حالة من الإجلال والشكر. إنني أرثي لحال كل أولئك الذين لا يستطيعون الاستمتاع بالفن، ناهيك عن أولئك الذين لا يريدون ذلك”.

وبخصوص ما يميز معرض دفقة سكون، عن معرض بيبيلوتي ريست: عقلك كما أراه، عقلي كما تراه، قال ماسيميليانو جيوني، القيم الفني لمعرض دفقة سكون في تصريح لوكالة الأنباء القطرية قنا، إن هذا المعرض أنجز خصيصا لمتاحف قطر، وبه أعمال أكثر حداثة من سابقه، ويمكن اعتباره امتدادا وتكملة لما تم عرضه في متحف قطر الوطني، وهو بمثابة صورة عكسية للمسار الفني لبيبيلوتي ريست، حيث أرادت أن تقدم المسار الذي مرت به.
بزغ نجم الفنانة ريست في تسعينيات القرن الماضي، كأحد أبناء جيل من الفنانين الذين يبحثون الروابط بين التكنولوجيا، والطبيعة، ومشهد الصور المتغلغلة في المجتمعات المعاصرة، وهي فنانة أشيد عالميا بأعمال الفيديو التركيبية الخاصة بها، والتي تجمع بين عروض غامرة وتجارب تأملية جماعية شبيهة بالحلم. ولمعرض دفقة سكون، قامت ريست بتطوير فكرته ليكون مجسما له تأثير على الزوار شبيه بالتنويم المغناطيسي في مشهد رقمي يضم 14 عملا.
تزين مطبوعات جدارية من النسيج وستائر متعددة الألوان محيط فضاء العرض الذي يتخذ شكل سلسلة من محطات كهربائية، تصفها الفنانة بأنها عروض تفاعلية، حيث تولد عروض الفيديو بتقنية الإسقاط الضوئي، وقطع الأثاث، والسجاد، والأغراض المنزلية معا فضاء رحبا لـ”الحياة الساكنة” يمكن للجمهور أن يشارك فيه.
وداخل “غرف المعيشة” هذه – وهي فضاءات نابضة بالحياة ومأهولة في نفس الوقت – تعرض صور على المشاهدين، تحولهم وكل سطح في المعرض إلى شاشات وحوامل للصور. وتعد هذه الأعمال وغيرها المعروضة في دفقة سكون تتمة لبحث ريست الموسع في ملتقى الحواس البشرية والتقنيات الرقمية، متخيلة مستقبلا يلتقي فيه البيولوجي والإلكتروني في جسم كهربائي جديد.
يبدأ المعرض بعمل الفنانة ريست الأبد فوق الجميع Ever is Over All (1997)، وهو عمل فني تركيبي على شكل فيديو فازت به بالجائزة المرموقة لأفضل فنان شاب في بينالي البندقية عام 1997، وينتهي بأحد مشاهدها البانورامية الرقمية الرحبة الأخيرة القلق زائل Worry Will Vanish (2014).
وتشمل أبرز المعروضات الأخرى “رؤية من الداخل إلى الخارج”، وسلسلة جديدة من تركيبات الفيديو المقدمة داخل إطار نوافذ مجردة، و”كبسولة فضائك Deine Raumkapsel (2015)، وهو عمل فني تركيبي آسر يدعو المشاهدين إلى إلقاء نظرة خاطفة على مشهد داخل صندوق خشبي مضيء.
يأتي معرض دفقة سكون كثاني أبرز أعمال الفنانة ريست في الدوحة، بعد عملها الفني التركيبي عقلك كما أراه، وعقلي كما تراه (2022) الذي لا يزال يعرض في متحف قطر الوطني حتى 30 أبريل 2024. يدعو هذا العمل الفني زواره إلى الانطلاق في رحلة لاكتشاف ذواتهم من خلال تجربة تشرك حواسهم في وقفة من الاستبطان والإجلال.
وتتمثل إحدى الخصائص الرئيسية للمعرض في “وحدات البكسل” التي تتكون من 12.000 مصباح من نوع إل.إي.دي معلقة على وصلات كهربائية في أنحاء صالة العرض التي يمر من خلالها الزوار.
برمجت المصابيح الكهربائية المغلفة بمادة الراتينج الصمغية، والتي تمثل العصبونات التي تنقل المعلومات عبر إشارات مختلفة فيما بينها، لتضيء بالتناسق مع مقطع صوتي يصور في مخيلة الزوار المشاهد الطبيعية في قطر.