يُعدُّ الفنانُ البولندي الأصل -الألماني الجنسية- جونتر فون هاجينز من أيقونات الفن التشكيلي الحداثي، حيث تحظى معارضه بأكثر حضور عالمي، حتى إن أحد معارضه في ميامي بأمريكا اجتذب 7 ملايين زائر على مدار 19 يومًا فقط، ومن كل الأعمار، حتى إن مطار ميامي دفع أكثر من 14 مليون دولار لاقتناء قطعتين من أعماله، ليتم عرضهما في مطار ميامي بعض الوقت ثم يتم نقلهما -هناك- لمتحف الفن الحديث، الذي يُقدم فنًا من وحي فن التشريح من خلال التحنيط البلاستيكي.

يقول أحد النقاد الأمريكيين: إن هاجينز ربما يصيبُ مُشاهِده بالدهشة بل ربما تعدَّت الدهشة للشعور بالغثيان بحكم أن المُتلقي يرى جثة مُحنطة لكن هذا لا يمنع أن المُتلقي يكسب في كل الحالات، فهو يرى الفن واكتمال النِسَب وعظمة دقة الخالق في صنع خلقه، وهذا الشعور أيضًا ربما ينتابك حينما تقف أمام جثة مُحنطة لأحد الفراعنة، ومن ثم هو القليل من الفن والعبقرية في التكنيك مع الكثير من التعجب والإبهار.

تعود فكرة ميلاد فن جونتر هاجينز لمحاولة ابتكاره عملية تحنيطية جديدة أثناء عمله كطبيب متخصص في علم التشريح ليسهل على الدارسين استعراضها بشكل أكثر وضوحًا دون استخدام الموديل الصناعي، أو النظر داخل أواني الفورمالين التي تحوي أعضاء الجسد، حيث لا تظهر التفاصيل، كما أن الفورمالين يتركها في حالة رخوة، ويتغير لون تفاصيلها ومن ثم اخترع هاجينز طريقة مبتكرة أصبحت طفرة في عالم التحنيط الإكلينيكي، حيث اخترع مادة بلاستيكية تمتصها الخلايا الجسدية وتتفاعل معها فيصبح الجسد في حالة شبه بلاستيكية مع سهولة تشكيله ويعرف ذلك اصطلاحًا بـ «البلاستينيشين» ثم بدأ هاجينز في تفعيل إسقاطات فنية خالصة على الأجساد المُحنطة حتى أصبح أهم فناني القرن العشرين الذين لهم منهج، حتى إن الكثيرين حاولوا تقليده مثل داميان هيرست الذي ابتعد كثيرًا حتى أصبح حالة ممجوجة لا معنى لها فنيًا أو تعليميًا، كذلك فنان جزائري اسمه أحمد تم إقصاؤه من معارض الفن في أوروبا لأنه يستخدم الأجساد الحية -بل وجسده هو شخصيًا- في عروض وحشية ويصفها بالفن -لكن بالطبع لا علاقة له بالفن- بل يدخل تحت طائلة الشطط وهوس لفت الأنظار.

يبقى أن نقول: إن جونتر فون هاجينز قد حوكم لفترة طويلة، بسؤال السلطات عن مصدر الجثث التي يستخدمُها في أعماله، حتى إن هناك تلميحات أنه في فترة ما كان يستخدم لصوص الجُثث! ولد فون هاجينز عام 1945 في بولندا ودرس الطب والتشريح وهو يُمثل أحد أهم مناهج الفن التشكيلي الطليعي.

 

 

 

[email protected]