الأمثال في القرآن الكريم
قال – الله- تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران: ١٠٣.
إنها الأخوة التي تنبثق من التقوى والإسلام. من الركيزة الأولى، أساسها الاعتصام بحبل الله – أي عهده ونهجه ودينه- وليست مجرد تجمّع على أي تصور آخر، ولا على أي هدف آخر، ولا بواسطة حبل آخر من حبال الجاهلية الكثيرة! هذه الأخوة المعتصمة بحبل الله، نعمة يمتَنُّ الله بها على الجماعة المسلمة الأولى. وهي نعمة يهبها الله لمن يحبهم من عباده دائمًا، وهو هنا يذكرهم بهذه النعمة، يذكرهم كيف كانوا في الجاهلية «أعداء» وما كان أعدى من الأوس والخزرج في المدينة أحد، وهما الحَيَّان العربيان في يثرب، يجاورهما اليهود الذين كانوا يشعلون فتيل النار في هذه العداوة، وينفخون في نارها حتى تأكل روابط الحيَّيْن جميعًا. ومن ثم تجد اليهود مجالَها الصالح الذي لا تعمل إلا فيه، ولا تعيش إلا معه، فألف اللهُ بين قلوب الحيَين من العرب بالإسلام. وما كان إلا الإسلام وحده يجمع هذه القلوب المُتنافرة. وما كان إلا حبل الله الذي يعتصم به الجميع فيصبحون بنعمة الله إخوانًا.
ولا يُمكن أن يجمع القلوب إلا أخوّة في الله، تصغر إلى جانبها الأحقاد التاريخية، والثارات، والأطماع الشخصية. ويتجمع الصف تحت لواء الله الكبير المتعال.
ويذكرهم كذلك نعمته عليهم في إنقاذهم من النار التي كانوا على وشْك أن يقعوا فيها، بهدايتهم إلى الاعتصام بحبل الله،
والنص القرآني يعمد إلى مكمن المشاعر والروابط: «القلب». فلا يقول: فألَّف بينكم. إنما ينفذ إلى المكمن العميق: (فألف بين قلوبكم) فيصور القلوب كحزمة مؤلفة متآلفة بيد الله.