مظاهر جميلة يصنعها أصحاب القلوب النقية والأيادي السخية، تلك التي تظهر في كل سنة وفي نفس الموعد من ترابط الناس وتوادِّهم في المجتمع الواحد، وكيف يعطفُ القادرُ على الضعيف، وصاحبُ المال على الفقير، هؤلاء الأغنياء يبذلون كمن لا يخشى الفقر تأسيًا بقدوتنا النبي الكريم رسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وكيف لا؟ وهم يرون أمام أعينهم ما تمثله تلك الكلمات التي تكتب بماء الذهب «ما نَقُصَ مالٌ من صَدَقة» فتشعر وأنت ترى هذا السعي الحثيث أن أهل الخير لهم مِضمارٌ خاص يتسابقون فيه بأفعال الخير، فكلٌ بجهده وبطريقته.
فترى هناك أفكارًا متعددة والهدف واحد، فذاك شغل نفسه كيف يكسو يتيمًا، وهذا يبحث في وسيلة كيف يُطعم بها جائعًا وآخر يحاول أن يُعينَ مُسلمًا على نوائب الدهر، وكل ذلك لطلب رضى الله الكريم بعطائه سبحانه.
فما إن يقترب شهرُ رمضانَ حتى ترى هذه الأنواع -وأخرى كثيرة- من مشاريع العطاء والبذل، فلو وقفنا هنا على مشاريع إفطار الصائم لرأينا أن تنوع أنماطها دليل على ذلك السباق في الخير فهناك من يفكر في أن ينشئ الخيام، وهناك من يفكر في عمل الأوعية الخاصة ليذهب بها الصائم إلى بيته ويطعم عياله، فيحصل الأجر مُضاعفًا، وأقف هنا وقفة خاصة عند النساء من الأرامل، أو من الذين ضاقت عليهم الدنيا وعندهم أطفال، فلو كانت هناك طريقة في الاحتفاظ بجزء من هذا العطاء يخصص للنساء فيتم إرساله إلى بيوتهن، وهذا سيوفر لهن الكرامة بدلًا من الوقوف ومزاحمة الرجال طلبًا لوجبة الإفطار، لأن كثيرات من أهل الحاجة من النساء يمنعهن الحياء والعفة وهؤلاء المتعففات من أكثر الناس أجرًا، وهناك وسيلة فيها روح الابتكار في عمل الخير وهي وضع ثلاجة على الطريق خارج المنزل يتم فيها وضع ما زاد عن حاجة أهل ذلك البيت فيستفيد منه المارة بدل رميه في حاوية القمامة.
مظاهر جميلة، وفئات مثل الفقراء -من النساء والأرامل من المجتمع، يجب أن لا ننساهن من هذا العطاء، ذلك ميدان الخير وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.