كتاب الراية

عارف حجاوي

أدعو الله أن يُطيلَ في عمر الأستاذ الأديب والمؤلف «عارف حجاوي»

أحيانًا عندما أسافر يكون «عارف حجاوي»رفيقي في السفر

من الأمور التي تحسرت عليها في حياتي أنني لم أدرس اللغة العربية بعمق، وأُتقن الفصحى بكل أطيافها الجميلة، رغم أن الفرص التي أُتيحت لي في شبابي، بعد الجامعة، كانت كثيرة لدراسة اللغة العربية، ولو عبر أستاذ خاص، يأتيني حسب ظروف عملي، وأستقطع بعض ساعات في الأسبوع لدراستها والدخول في أعماق دررها العظيمة الجميلة.

ولكن سرقتني ظروف العمل وكثرة الالتزامات والارتباطات وتعدّد السفريات، دون أن ألتفتَ لذلك، ناهيك عن الوقت المُخصص للقراءة، يجعلني لا أفسح المجال لمثل هذا العمل، وهي نصيحة أُسديها للشباب اليوم، حيث أرى أهمية دراستهم اللغة العربية ك «دروس تقوية» حتى ولو بعيدًا عن تخصصهم الجامعي.

  • • • •

مع «عارف حجاوي» يكون لعلم اللغة العربية رونق خاص.

كتابه «أنا البحرُ.. لآلئ العربية وأصدافها»، كان رفيقي في رحلتي الأخيرة لباريس، فعشت بين سطوره لحظاتٍ جميلةً، واستمتعت بمضمونه وقصصه، فقد روى بعض آرائه في أحداث مُعينة، واعترف بأن بعض الكلمات حُورت بعيدًا عن أصلها الحقيقي، واحتوى الكتاب على بعض الطرائف، خاصة عندما ذكر لماذا سمَّى جَدُه والدتَه «أم عارف» باسم «سمر»، وهي التي نبهته عندما كَبِرَ، عن أغنية جميلة تُحبها وهي أغنية «كزبك حلو» وكلمة «كزبك» هي بديلة لكلمة «كذبك»، وهو يُشير إلى أن الأغاني في هذا الزمان «عجمها» اللسان للعامية بدلًا من الفصحى، ثم عرفت، ولأول مرة، أن «عباس بن فرناس» السوري صعد على قمة جبل في مدينة طوس السورية، ومنه طار ليرى جمال مدينته لكنه سقط ومات، الرجل اسمه طوس فقالت الناس طار طوس فصارت اسمًا للمدينة «طرَطوس».

وعلى ذكر كلمة «المسمار» فقد أتفق مع الكاتب عندما قال إن أصل الكلمة قد يكون سواحليًا «مْسو ماري» msumari (ص ٩٤)، لأنه يقال إن العرب، خاصة أهل الخليج، لم يتعرفوا على «المسمار»، إلا عندما شاهدوا الجنود البرتغاليين وهم يستخدمونه بدلًا من الحبال لتثبيت الخشب في سفنهم، وذلك عندما غزا البرتغاليون سلطنة عُمان ما بين (١٥٠٠حتى ١٦٥٠ م)، وهو «أي المسمار» مع «البرقع» الذي استخدمه أولئك الجنود لتغطية وجوههم، لتجنب حرارة الشمس في الخليج، تحولا مع السنين ليكونا من الإرث الثقافي، الذي تركه أولئك الغزاة.

وما قاله «الزعيم الخالد جمال عبدالناصر» بأننا سنستعيد الأرض بوصة بوصة، فسوف نستعيدها بإذن الله، عاجلًا أم آجلًا، إن لم يكن بهذا الجيل أو ذاك، لكن سيأتي جيل يقول للصهاينة وبالفرنسية استعدناها «بوصة بوصة».

وإذا كنت أُشيد بالكتاب وكاتبه، فقد كنت أتمنى لو أنه لم يذكر اسم «الشيخ جاد الحق علي جاد الحق» وهو يُخطئ في حديثه عندما قال (مجالس الغَيْبة والنميمة)، والأصح (الغيِبة، بكسر الغين) ص (١٧٧)، فنحن نجلُّ العلماء ونُقدِّرهم، وكان من المُستحسن أن يقولَ (سمعت أحد المشايخ وهو يقول كذا، والأصح هو كذا).

  • • • •

يروي لي اللُغوي القطري المُبدع الأستاذ عبدالله الجابر أن الفنان القطري الراحل الأستاذ عبدالعزيز ناصر، رحمه الله، كان دقيقًا وحريصًا على اللغة العربية والنطق السليم لأي أغنية يقوم بتلحينها، لكونه حريصًا على ذلك ولا يقبل المساس بها.

  • • • •

أسألُ اللهَ أن يحفظَ أستاذنا الكبير، مقامًا وعلمًا، «عارف حجاوي»، وأن يُطيلَ في عمره ليواصلَ إمتاع عشاق لغة الضاد بالمزيد من عطائه، سواء عبر برامجه التلفزيونية أو مؤلفاته وكتبه الجميلة، وأتمنى من علماء اللغة العربية مواصلة جهودهم الكبيرة ودعوة أولياء الأمور والقائمين عى المؤسسات التعليمية لدعم مثل هذه الجهود للمُحافظة على هذه اللغة العظيمة، لتكونَ في وجدان مُحبيها، كما «نغرِز» القماش، و«نغرِس» الشجر، و»نخرِز» الجلد بالمِخرز.

وأختتم مقالي بدعوة إخواني عشاق اللغة العربية من أبناء دولة الكويت الغالية، لإفادة أستاذنا الكبير عارف حجاوي، ليفسروا له لماذا يُسمّي الكويتيون حلوى «براحة الحلقوم» باسم «كِبدة الفرس» !! .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
X