الدوحة – قنا:

تحتفلُ دولةُ الكويت الشقيقة اليومَ بالذكرى الثالثة والستّين لعيدها الوطني الذي يجسّد أعظم معاني الولاء وقيم الانتماء للوطن وقيادته الحكيمة الحريصة على تعزيز مكانته والمحافظة على أمنه واستقراره ودفع عجلة التنمية فيه بشتَّى المجالات. واحتفالًا بهذه الذكرى الغالية التي تتزامنُ والاحتفال بالذكرى الثالثة والثلاثين للتحرير، ازدانت مرافق الكويت ومناطقِها بأبهى حلل الفرح والزينة، فيما يستذكرُ الكويتيون بمشاعر من الفخر انتماءَهم إلى هذه الأرض التي تنطلق من اعتزازها بماضيها المجيد لتلحق بركب الدول الطامحة إلى بناء حاضر مشرف ومستقبلٍ مشرق.

ويشاركُ أبناء الشعب القطري أشقاءهم بدولة الكويت أفراحهم واحتفالاتهم بالذكرى الثالثة والستين للاستقلال والذكرى الثالثة والثلاثين للتحرير، تجسيدًا لأواصر الأخوة الصادقة وروابط المحبة والتقدير والاعتزاز، وانطلاقًا من عمق العلاقات الوطيدة والمتجذرة التي تجمع البلدين الشقيقين على كافة المستويات، حيث يرتبطُ البلدان بعَلاقات ذات خصوصية متميزة تحمل سماتٍ مشتركةً، مبنيةً على وَحدة المصير والهدف، والسعي المشترك لتحقيق التكامل والترابط في جميع المجالات الحيوية التي تحقّق آمال شعبيهما.

علاقات عميقة

وتعتبر العَلاقات القطرية – الكويتية عميقة ومتجذّرة ومتناغمة على مختلف المستويات الخليجية والعربية والدولية، وتتعزز يومًا بعد يوم بفضل رعاية واهتمام القيادتَين الحكيمتَين في البلدين الشقيقين.

وتأكيدًا على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين الشقيقين، قام صاحبُ السُّموّ الشَّيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة بزيارة دولة إلى البلاد الأسبوع الماضي، وهي أول زيارة لسُموّه إلى دولة قطر منذ توليه مقاليد الحكم في ديسمبر الماضي، حيث جاءت الزيارة لتعزيز الروابط الأخوية والتنسيق والتعاون والشراكة الاستراتيجية القطرية الكويتية، المبنية على أسس متينة من الأخوّة والمحبة والتطلعات المشتركة وتقوية الدينامية التي تتميز بها العَلاقات بين البلدينِ.

وفي إطارِ الزيارة، عقد حضرةُ صاحبِ السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المُفدَّى، وأخوه صاحبُ السُّموِّ الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، جلسةَ مباحثات رسمية بالديوان الأميري، تم خلالها بحثُ العَلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والسبل الكفيلة بتعزيزها وتطويرها، كما جرى تبادل وجهات النظر حول آفاق تعزيز العمل الخليجي المشترك بما يعزز أمن المنطقة واستقرارها والقضايا الإقليمية والدولية.

وأهدى حضرةُ صاحبِ السُّموِّ أمير البلاد المُفدَّى، أخاه صاحبَ السُّموِّ أمير دولة الكويت الشقيقة، سيفَ المؤسّس الشّيخ جاسم بن محمد بن ثاني، وذلك تقديرًا لمنزلة سُموّ أمير الكويت العالية، وتوثيقًا لعُرى الأخوّة والعلاقات الوطيدة بين الشعبَين الشقيقَين، إذ يعتبر سيف المؤسّس الشّيخ جاسم بن محمد بن ثاني أرفعَ الأوسمة القطرية، ويحمله أمير الدولة، ويُهدَى للملوك والأمراء ورؤساء الدول. كما استقبلَ صاحبُ السُّمو الأمير الوالد الشَّيخ حمد بن خليفة آل ثاني، صاحب السُّموّ الشّيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشّقيقة، في قصر الوجبة، وذلك بمُناسبة زيارته للبلاد. وصدرَ في ختام الزيارة بيانٌ مشتركٌ بين دولة قطر ودولة الكويت، نوَّه بمسيرة العلاقات بين البلدين ونموّها وتطورها خلال السنوات الماضية، كما تضمن مواقف البلدين إزاء عددٍ من القضايا والملفات الراهنة ذات الاهتمام المشترك. وفي تأكيد على عمق وخصوصية العلاقات القطرية – الكويتية، وفي إطار العَلاقات المميزة بين البلدين الشقيقين، وبتوجيه من حضرة صاحب السُّموِّ الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المُفدَّى، تمّ إطلاقُ اسم الشَّيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الراحل على مشروع طريق المحور «‏‏محور صباح الأحمد»‏‏، الذي يمثل شريانًا حيويًا جديدًا للطرق في قطر، وذلك تعبيرًا عن تقدير دولة قطر وحبها لقائد عربي كبير تميز بمواقفه المشرفة تجاه وطنه وأشقائه العرب وأمته الإسلامية على امتداد العالم، حتى استحقّ عن جدارة لقب «‏‏أمير الإنسانية»‏‏، كما شكّل تدشين هذا الطريق دلالة على مكانة ومنزلة هذا القائد الكبير في قلب قطر أميرًا وحكومة وشعبًا، وجاء ذلك متزامنًا مع مشاركة دولة قطر للأشقاء في الكويت احتفالاتهم بالذكرى الثامنة والخمسين لعيدِها الوطني والذكرى الثامنة والعشرين لتحريرِها.

التبادل التجاري

ويشهدُ حجمُ التبادل التجاري بين دولة قطر والكويت نموًا متواصلًا، وكان للخط الملاحي، الذي تم تدشينه بين ميناء حمد وميناء الشويخ الكويتي في أغسطس عام 2017، دورٌ محوريٌّ في مضاعفة حجم التبادل التجاري، ووفر خدمة مثالية في نقل البضائع، خاصةً المواد الغذائية وغيرها من وإلى دولة قطر بشكل منتظم، ليبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين 1.94 مليار دولار حتى أكتوبر من العام 2023. وتعزز الاتفاقية طويلة الأمد التي وقّعتها دولة الكويت مع دولة قطر بشأن استيراد الغاز الطبيعي المسال لمدة 15 عامًا تبدأ من 2022 إلى نهاية عام 2036، العلاقاتِ التجاريةَ بين البلدَين الشقيقَين.

ويفوق عددُ الشركات الكويتية العاملة بالسوق القطرية بملكية 100 بالمئة 170 شركة، بينما فاق عدد الشركات القطرية الكويتية المشتركة 656 شركة، كما تعتبر حركة الطيران المتميزة بين البلدين أحد الشواهد على تطور العلاقات بين البلدين الشقيقين. وتعيش الكويت هذه الأيام احتفالاتها في ظل القيادة الحكيمة لسُموّ الشّيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة والتفاف الشعب حوله، لتمضي سفينة الكويت نحو شاطئ الأمان والاستقرار والازدهار.

العيد الوطني

وبدأت دولةُ الكويت احتفالها بالعيد الوطني الأول في التاسع عشر من يونيو 1962، وأُقيم بتلك المناسبة حينها عرض عسكري كبير في المطار القديم الواقع قرب «دروازة البريعصي»‏‏ حضره عدد كبير من المسؤولين والمواطنين في أجواء مفعمة بالبهجة والسرور، وفي ذلك اليوم ألقى أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح كلمة قال فيها: إن دولة الكويت تستقبل الذكرى الأولى لعيدها الوطني بقلوب ملؤها البهجة والحبور بما حقق الله لشعبها من عزة وكرامة ونفوس كلها عزيمة ومضي في السير قدمًا في بناء الوطن والعمل بروح وثّابة بما يحقق لأبنائه الرفعة والرفاهية والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين.

وشهدت الاحتفالات بالأعياد الوطنية مراحل عدة لكل منها خصوصيتها وجمالها ومرّت بالعديد من التغييرات مجسدة ذكريات محفورة في الوجدان بدءًا من ستينيات القرن الماضي. وكانت الاحتفالات بالعيد الوطني في السبعينيات والثمانينيات تقام على امتداد شارع الخليج العربي بمشاركة مختلف مؤسسات الدولة العامة والخاصة إضافة إلى طلبة المدارس والفرق الشعبية، كما كان لمحافظات الكويت نصيب وافر فيها. وشرعت دولة الكويت منذ عام 1962 في تدعيم نظامها السياسي بإنشاء مجلس تأسيسي مهمته إعداد دستور لنظام حكم يرتكز على المبادئ الديمقراطية الموائمة لواقع الكويت وأهدافها.

ومن أبرز ما أنجزه المجلس التأسيسي مشروع الدستور الذي صادق عليه أمير الكويت الراحل الشّيخ عبدالله السالم الصباح في نوفمبر 1962 لتدخل الكويت مرحلة الشرعية الدستورية، إذ جرت أول انتخابات تشريعية هناك في الثالث والعشرين من يناير عام 1963.

وحقَّقت الكويت الكثيرَ من الإنجازات على طريق النهضة الشاملة منذ فجر الاستقلال وحتى اليوم، ومضت في مسيرة مشرقة على طريق النهضة والارتقاء الذي رسمته خطى الآباء والأجداد وتابعته همم الرجال خلف قيادتها الحكيمة.