أعلام قطر سترفرف ابتداءً من اليوم الثلاثاء إلى جانب الأعلام الفرنسية في شوارع العاصمة الفرنسية وعلى طول أجمل جادة في العالم الشانز إيليزيه Champs elysees لاستقبال حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.

إنها زيارة بالغة الأهمية في ظروف المنطقة العربية الحالية، فهناك حرب إسرائيلية وحشية على الشعب الفلسطيني في غزة، والوساطة القطرية في صلب المفاوضات الدائرة لوقفها بجهود جبارة للتوصل إلى الإفراج عن الرهائن من أجل الحصول على وقف إطلاق النار.

موقف فرنسا من الحرب الإسرائيلية على غزة مختلف عن الموقف الأمريكي إذ إنها أصبحت الآن تطالب بوقف إطلاق النار وإنها صوتت مع قرارات مجلس الأمن التي تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة ولو أن القرارات لم تمر بسبب الفيتو الأمريكي. رغم أن معلومات الصحف الأمريكية تشير إلى أن شحنتين فقط من المساعدات الإنسانية تمكنتا من الدخول وكانت تعرضت شرطة غزة لهجوم من الإسرائيليين بحجة أنهم كانوا يحاولون حماية الشحنات الإنسانية من السرقة والنشل.

دولة قطر هي الأولى التي أرسلت مساعدات إنسانية وتقوم بجهود ضخمة من أجل ذلك، فقضية التعاون الفرنسي القطري لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وفتح معابر لإتاحة دخولها ودور فرنسا وأوروبا لإقناع إسرائيل بفتحها ستكون في صلب المساعدات إذ إن هذه القضية الإنسانية تحتاج إلى أن تكون في أولوية الاهتمامات بقدر ما هي كارثة إنسانية تسببها إسرائيل على الشعب الفلسطيني.

فإسرائيل تجوّع الشعب الفلسطيني وتحرمه من الطعام والأدوية فقد روت صحيفة الواشنطن بوست أن الأطفال الفلسطينيين يقتلعون الأعشاب من أجل استخدامها كطعام. إسرائيل ترتكب جريمة بحق الشعب الفلسطيني بأسره وبنيامين نتنياهو وضع خطة لما بعد الحرب برفض تام لدولة فلسطينية أو عودة للسلطة الفلسطينية إلى غزة ويريد طرد وكالة الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية الأونروا UNRWA. وقد أسرعت دول غربية عديدة بتجميد تمويلها للوكالة بحجة أن ١٢ موظفًا منها قام بالمشاركة في هجوم حماس في ٧ أكتوبر قبل أي تحقيق في ذلك. الاتحاد الأوروبي يبحث فيما إذا كان سيقدم تمويله البالغ ٦١ مليون يورو المتوقع في نهاية هذا الشهر للأونروا. سيكون أيضًا هذا الموضوع في صلب اهتمامات سمو الأمير الذي يعول على ضرورة استمرار الأونروا في عملها الإنساني للشعب الفلسطيني في غزة ولبنان والأردن.

والمحادثات القطرية الفرنسية ستكون مكثفة ومثمرة وضرورية في مثل هذه الأوضاع. لا شك أن لبنان لن يغيب عن المحادثات فالبلدان مهتمان بالأزمة فيه وسبق لقطر أن لعبت دورًا في السعي إلى انتخاب الرئيس ميشيل سليمان في السابق.

باريس تعول على الدور القطري في لبنان ،فقطر هي الدولة العربية الوحيدة التي تساعد الجيش اللبناني وتولي أهمية بالوضع فيه ولها علاقات واسعة في لبنان.

إن الملفت أيضًا أن لدى فرنسا أكبر جالية مسلمة وأيضًا أكبر جالية يهودية في أوروبا.

موقف فرنسا بعد هجوم حماس في ٧ أكتوبر أغضب الجالية المسلمة التي استغربت من إصرار فرنسا الرسمي على دعم مقولة حق إسرائيل بالدفاع عن النفس الذي أخذته الحكومة الإسرائيلية كضوء أخضر للقيام بمجازر إزاء الشعب الفلسطيني. لكن منذ الحرب على غزة أدركت فرنسا أن ردة فعل إسرائيل على الشعب الفلسطيني غير مقبولة وأن قتل أكثر من ٣٠٠٠٠ فلسطيني هو خرق لقانون الإنسانية في الحرب، رغم أنها لا توافق على وصف ما تقوم به إسرائيل أنه إبادة بحجة أن الإبادة هي التخلص من شعب. واقع الحال أن ما تقوم به إسرائيل هو تدريجيًا نوع من السعي للتخلص من سكان غزة ربما لاحقًا سكان رفح وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية.

في ظل هذه الأوضاع الكارثية في الأراضي الفلسطينية وفي المنطقة العربية ستكون القمة القطرية الفرنسية بالغة الأهمية نظرًا لدور دولة قطر الكبير وسعيها الدائم من أجل المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني والسلام في لبنان وفي الخليج وعلاقات دولة قطر التاريخية مع فرنسا والثنائية في قطاعات اقتصادية عديدة.

[email protected]